تشكل صناعة إنتاج الأسمدة واحدة من أهم ركائز الاقتصاد الزراعي في العالم العربي، حيث تسهم بشكل مباشر في دعم الأمن الغذائي وزيادة القدرة التنافسية للدول العربية في الأسواق العالمية. فهذه الصناعة الاستراتيجية لا تقتصر على توفير احتياجات المزارعين محليًا فحسب، بل تمتد لتكون مصدرًا رئيسيًا للتصدير وعائدات النقد الأجنبي. ومع تنامي الطلب العالمي على الأسمدة النيتروجينية والفوسفاتية والمركبة، برزت عدة دول عربية كلاعبين أساسيين في سوق الإنتاج والتصدير، حيث تتفاوت القدرات والإمكانات بين دولة وأخرى وفقًا لثرواتها الطبيعية وحجم استثماراتها الصناعية.
تتصدر المغرب قائمة أكبر الدول العربية في إنتاج الأسمدة، ويعود ذلك إلى ما تملكه من احتياطي ضخم من الفوسفات يجعلها ضمن اللاعبين الكبار عالميًا. فقد بلغ إنتاج المغرب في عام ٢٠٢٣ نحو 15 مليون طن من الأسمدة بمختلف أنواعها، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 20 مليون طن بحلول عام ٢٠٢٧ نتيجة لتوسعات واستثمارات مجموعة المكتب الشريف للفوسفات، التي تعد من أبرز الكيانات الصناعية في المنطقة والعالم. هذه القدرات الهائلة جعلت المغرب ليس فقط المنتج الأول عربيًا، بل من بين أبرز المنتجين عالميًا للأسمدة الفوسفاتية.
وفي المرتبة الثانية تأتي السعودية، التي استطاعت خلال السنوات الماضية أن تطور صناعة متكاملة للأسمدة اعتمادًا على ثرواتها من الفوسفات والغاز الطبيعي. حيث بلغ إنتاجها من الأسمدة الفوسفاتية نحو 9-12 ملايين طن، بتقديرات 2024 – 2025من خلال شركة معادن التي تدير مجمعات ضخمة لإنتاج الفوسفات. كما تبرز شركة سابك للمغذيات الزراعية كأحد أكبر المنتجين على مستوى العالم، حيث تنتج كميات هائلة من اليوريا والأمونيا، ما يعكس تنوع القدرات السعودية بين الأسمدة النيتروجينية والفوسفاتية. هذا التنوع جعل السعودية مركزًا صناعيًا متوازنًا قادرًا على تلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير في آن واحد.
أما مصر، فتحتل المرتبة الثالثة عربيًا وتمتاز بكونها أكبر منتج لليوريا في المنطقة. حيث تبلغ الطاقة الإنتاجية لشركة موبكو نحو ٢,١ مليون طن سنويًا، بينما تنتج شركة أبو قير للأسمدة ما يقارب ٢ مليون طن، وتنتج شركة الإسكندرية للأسمدة ١,٧ مليون طن. وإلى جانب هذه الشركات هناك شركات أخرى مثل حلوان والدلتا تسهم في الإنتاج الكلي. ولا يقتصر الأمر على الأسمدة النيتروجينية فقط، بل تمتلك مصر قدرات مهمة في إنتاج الأسمدة الفوسفاتية والمركبة، مما يجعل إجمالي إنتاجها السنوي يتجاوز ستة ملايين طن. هذا التنوع في قاعدة الإنتاج يمنح مصر ميزة تنافسية مهمة كونها تجمع بين الكم والتنوع، وهو ما يخدم الزراعة المحلية ويعزز من مكانتها كمصدر إقليمي رئيسي.
وفي المرتبة الرابعة تأتي قطر، حيث تبرز شركة قافكو كأكبر مجمع لإنتاج اليوريا في العالم بطاقة تتراوح 5-6 ملايين طن سنويًا، إلى جانب أكثر من 3 ملايين طن من الأمونيا. ويتميز الإنتاج القطري بكونه موجهًا بشكل أساسي للتصدير، حيث تشكل أسواق آسيا مثل الهند والصين وبنغلاديش الوجهة الأولى لهذه الكميات الضخمة. هذا التوجه جعل قطر واحدة من أبرز اللاعبين عالميًا في سوق الأسمدة النيتروجينية، رغم أن إنتاجها يتركز في نطاق محدود من المنتجات مقارنة بدول أخرى أكثر تنوعًا.
خريطة إنتاج الأسمدة في العالم العربي
خريطة إنتاج الأسمدة في العالم العربي: المغرب في الصدارة والسعودية ومصر وقطر والإمارات ضمن الخمسة الكبار
المغرب الأول عربيًا بإنتاج ١٥ مليون طن من الأسمدة وارتفاع متوقع إلى ٢٠ مليون طن في ٢٠٢٧
السعودية ثاني أكبر منتج عربي بقدرات من 9 الى 12 ملايين طن فوسفات وإنتاج ضخم من اليوريا والأمونيا عبر سابك ومعادن
مصر في المركز الثالث بأكثر من 7 ملايين طن سنويًا وتنوع بين اليوريا والفوسفات والمركبة
قطر في المرتبة الرابعة بفضل قافكو التي تنتج من ٥ إلى ٦ ملايين طن يوريا و٣ ملايين طن أمونيا للتصدير
الإمارات خامس الكبار بإنتاج ١,٢ مليون طن أمونيا و١,٢ مليون طن يوريا عبر مجمع فرتيل – فيرتي غلوب
عُمان والجزائر والأردن خارج المراتب الخمس الأولى لكن بإمكانات قوية في اليوريا والفوسفات والبوتاس
وتحتل الإمارات المرتبة الخامسة في قائمة المنتجين العرب للأسمدة، من خلال مجمع فرتيل التابع لشركة فيرتي غلوب. وتبلغ القدرة الإنتاجية لهذا المجمع نحو ١,٢ مليون طن من الأمونيا و١,٢ مليون طن من اليوريا، وتتميز الإمارات بدورها كمركز إقليمي للتصدير نحو الأسواق الآسيوية والأفريقية بفضل موقعها الاستراتيجي وبنيتها التحتية المتطورة.
وتأتي بعد هذه الدول كل من عمان عبر شركة عمان الهند للأسمدة بطاقة ١,٦٥ مليون طن من اليوريا، والجزائر عبر شركة سرفرت بطاقة ١,٣ مليون طن سنويًا. ورغم أن هاتين الدولتين لا تدخلان ضمن الخمسة الكبار إلا أنهما تملكان إمكانات مهمة تعزز من تنافسية المنطقة.أما الأردن، فرغم أنه لا يقع ضمن المراتب الخمس الأولى من حيث حجم الإنتاج، إلا أنه يتميز بوفرة موارده الطبيعية من الفوسفات والبوتاس، وبصناعة تحويلية متطورة للأسمدة المركبة، الأمر الذي جعله مركزًا إقليميًا مهمًا في هذه الصناعة، ومساهمًا بارزًا في أسواق التصدير العالمية