وزير الري: نقص المياه سيؤدي لفقدان فرص العمل وبالتالي زيادة الهجرة غير الشرعية
مصر أعدت استراتيجية للموارد المائية حتى عام ٢٠٥٠ بتكلفة تصل إلى ٥٠ مليار دولار
إثيوبيا قابلت مرونة مصر في ملف سد النهضة بتعنت لمنع الالتزام بما تم الاتفاق عليه
شارك وزير الموارد المائية والري، الدكتور محمد عبد العاطي، في المؤتمر الوزاري رفيع المستوى “مشاورات من أجل الوصول إلى نتائج”، والذي تنظمه وزارة البيئة الألمانية، ويعد من أهم المحطات التحضيرية لمؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة العقد الخاص بالمياه؛ والمقرر تنظيمه في عام ٢٠٢٣، على هامش أسبوع القاهرة الرابع للمياه والمقرر عقده خلال الفترة من ٢٤ – ٢٨ أكتوبر القادم.
وناقش المؤتمر أهم التحديات التي تواجه قطاع المياه بدول العالم وآليات التمويل المتاحة والحاجة الماسة لتعزيز قدرات الدول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف رقم ٦ والمعنى بشكل رئيسي بقطاع المياه، وأهمية تضافر الجهود والعمل على تبادل التكنولوجيا والخبرات للوصول إلى أعلى معدلات التنمية لتحقيق تلك الأهداف.
واستعرض وزير الري في كلمته؛ حجم التحديات التي تواجه قطاع المياه فى مصر وعلى رأسها محدودية الموارد المائية المتاحة ، والإجراءات الأحادية التى يقوم بها الجانب الإثيوبي فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة ، بالإضافة للتغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية.
وقال إن أي نقص في الموارد المائية سوف يتسبب في أضرار جسيمة، حيث إن نقص ١ مليار متر مكعب من المياه سيتسبب في فقدان ٢٠٠ ألف أسرة لمصدر رزقهم الرئيسي في الزراعة، وهو ما يعني تضرر مليون مواطن من أفراد هذه الأسر، كما أن قطاع الزراعة في مصر يعمل به ٤٠ مليون نسمة على الأقل، وبالتالي فإن أي نقص في الموارد المائية ستكون له انعكاسات سلبية ضخمة على نسبة كبيرة من سكان مصر، حيث سيؤدي فقدان فرص العمل لحالة من عدم الاستقرار المجتمعي، التي ستؤدى لموجة كبيرة من الهجرة غير الشرعية للدول الأوروبية وغيرها أو انضمام الشباب للجماعات الإرهابية.
وأضاف أن هذه التحديات تستلزم بذل مجهودات مضنية لمواجهتها، حيث قامت مصر بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام ٢٠٥٠ بتكلفة تصل إلى ٥٠ مليار دولار، وقد تصل إلى ١٠٠ مليار دولار، بجانب وضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام ٢٠٣٧؛ تعتمد على أربعة محاور تتضمن ترشيد استخدام المياه وتحسين نوعية المياه وتوفير مصادر مائية إضافية وتهيئة المناخ للإدارة المثلى للمياه.
كما أوضح أن مصر تعد من أعلى دول العالم جفافاً، حيث تعاني من الشح المائى، وتُقدر موارد مصر المائية بحوالي ٦٠ مليار متر مكعب سنويا من المياه معظمها يأتي من مياه نهر النيل، بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار التي تقدر بحوالي ١ مليار متر مكعب، والمياه الجوفية العميقة غير المتجددة بالصحاري، فيما يصل إجمالي الاحتياجات المائية في مصر لحوالي ١١٤ مليار متر مكعب سنويا من المياه، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية السطحية بالوادى والدلتا؛ بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل ٣٤ مليار متر مكعب سنوياً من المياه.
ولفت الوزير، إلى أن مصر ودول العالم تشهد تغيرات مناخية متزايدة، مشيراً لما ينتج عن هذه التغيرات المناخية من تهديدات للتنمية المستدامة وتهديد لحق الإنسان فى الحصول على المياه، وتُعد مصر من أكثر دول العالم تأثراً بالتغيرات المناخية، نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر والتأثير غير المتوقع للتغيرات المناخية على منابع نهر النيل والعديد من الظواهر المناخية المتطرفة مثل موجات الحرارة والبرودة والسيول، وهو ما يمس العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
ونوّه إلى تأثير التغيرات المناخية على الموارد المائية والزراعة والأمن الغذائي والطاقة والصحة والمناطق الساحلية والبحيرات الشمالية ، بالإضافة للمخاطر التى تواجهها أراضى الدلتا الأكثر خصوبة نتيجة الارتفاع المتوقع لمنسوب سطح البحر، وتداخل المياه المالحة، والذي يؤثر على جودة المياه الجوفية، الأمر الذي سيؤدي لنزوح الملايين من المصريين المقيمين بشمال الدلتا.
كما استعرض الوزير تطورات قضية مياه النيل والموقف الراهن إزاء المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، مؤكداً حرص مصر على استكمال المفاوضات للتوصل لإتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية، مع التأكيد على ثوابت مصر فى حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع في أي اتفاق حول سد النهضة، مع أهمية أن تتسم المفاوضات بالفعالية والجدية لتعظيم فرص نجاحها، خاصة مع وصول المفاوضات إلى مرحلة من الجمود نتيجة للتعنت الاثيوبى.
وأكد أن مصر أبدت مرونة في التفاوض قوبلت بتعنت كبير من الجانب الإثيوبي لمنع الالتزام بما تم الاتفاق عليه، ومؤكداً في الوقت ذاته على أن مصر لن تقبل بالفعل الأحادي لملء وتشغيل السد الإثيوبي.
وأوضح أن مصر ليست ضد التنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية، بل على العكس؛ فإن مصر تدعم التنمية بالدول الأفريقية بكل السبل الممكنة، مشيرا إلى أن مصر منفتحة على التعاون مع جميع الدول الأفريقية وخاصة دول حوض النيل، بشرط مراعاة شواغل دول المصب، وقد سبق لمصر بالفعل مساعدة دول منابع حوض النيل في بناء السدود في إطار تعاوني توافقي.
كما أشار إلى أن مصر لم تعترض على أي سد في إثيوبيا وتدعم التنمية بها، ولكنها تريد تحقيق التعاون بإتفاق قانوني عادل وملزم لملء وتشغيل السد الإثيوبي، بما يحقق المصلحة للجميع وهو ما ترفضه إثيوبيا وتعمل على فرض الأمر الواقع واتخاذ إجراءات أحادية بدون الرجوع لدولتي المصب.