كتب – فريق القرار:
نال فيروس كورونا من كافة الاقتصادات على اختلاف درجة تطورها وسجل أغلبها معدلات نمو سالبة، مع تسارع وتيرة هبوط النشاط الاقتصادي، ومن ثم فقد تعرضت المالية العامة لضغوط واختبارات قاسية، وسجل عجز الموازنات أرقاما قياسية لم يعرفها العالم منذ الأزمة المالية العالمية التي مضي عليها نحو عشر سنوات.
فعلى الصعيد العالمي؛ سجلت الموازنة الفيدرالية في الولايات المتحدة عجزًا قياسيًا بلغ 3.1 تريليون دولار في نهاية العام المالي المنتهي في أكتوبر 2020 وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة الخزانة، بما يزيد عن ضعف المستوي القياسي الذي سجلته الموازنة ابان الازمة المالية العالمية، نتيجة لحزمة الإنقاذ المالي للاقتصاد في مواجهة فيروس كورونا، والتي تضمنت إنفاق أموال طائلة لمساعدة الشركات والعاطلين عن العمل في مواجهة التدهور الذي حل بالاقتصاد الأمريكي.
وفي المانيا بلغ العجز الكلي في ميزانية الدولة نحو 139.6 مليار يورو بما يعادل 4.2 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، وهو الأول منذ 2011 وثاني أعلى عجز منذ إعادة توحيد ألمانيا. وفي فرنسا سادت التوقعات بارتفاع العجز العام إلى 11,4% من إجمالي الناتج المحلي هذا العام مقارنة بنسبة 3% في العام الماضي. أما في الصين فقد ارتفع عجز الموازنة إلى 18.2% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، في مقابل 12.6% عام 2019 وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي.
وبالنسبة للدول العربية؛ فقد تفاوت أثر الجائحة بشكل كبير، حيث سجلت موازنات دول الخليج الست عجزاً مالياً كبيراً خلال عام 2020 مع ما شهدته أسواق النفط من تراجع تاريخي ليصل الى 41 دولار عام 2020 مقابل 61 دولار عام 2019، كما أن معاناة أغلب الدول العربية من متلازمة العجز نال من مرونة استيعابها للأزمة والتعامل معها مما فاقم من عجز الموازنات.
وبالنسبة للاقتصاد المصري؛ فقد تم اعداد موازنة العام المالي 2020/2021 في ظل تفشى جائحة كورونا وتأثيراتها المتزايدة والمتلاحقة على الأوضاع والافتراضات الاقتصادية والمالية. ومن ثم فقد ارتأت وزارة المالية الإبقاء على تقديرات الموازنة التي أرسلت لمجلس النواب في نهاية مارس 2020 التزاماً بنصوص الدستور المصري كما هي الى حد كبير ودون تغيير، لحين استشراف ووضوح الرؤية بـحيث يــتم إعــادة تــقديــر الموقـف بعد الـربع الأول من العام المالي ٢٠٢٠/ ٢٠٢١ ثـم إجـراء التعديلات اللازمة بالـتنسيق الكامل مع مجلس الـنواب.
ولمواجهة سلبيات الجائحة تم تخصيص حزمة مالية تحفيزية بقيمة 100 مليار جنيه، بهدف تقديم العديد من التيسيرات الداعمة للمواطنين وللقطاعات الاقتصادية الأكثر تضررًا ، وتسريع عملية التعافي الاقتصادي من آثار جائحة فيروس كورونا، وذلك بالتضامن مع القطاع الخاص كشريك أساسي في التصدي للأزمة والحفاظ على حياة المواطنين.
الملامح الأولية لموازنة العام المالي 2021/2022
عكست الملامح الأولية لموازنة العام المالي 2021/2022 مدي استجابة السياسات الاقتصادية الكلية لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، سواء على صعيد احتواء الجائحة مباشرة من خلال السياسات الصحية والتوسع في الانفاق على قطاع الرعاية الصحية تحديداً، أو على صعيد حماية راس المال البشري خاصة الفئات الأشد فقراً، وتعزيز مستويات الدخول وتوفير الأمن الغذائي وتسهيل النفاذ للخدمات الضرورية، بالإضافة الى دعم القطاعات المالية والإنتاجية.
كما جاء العمل بموازنة «البرامج والأداء» كرؤية استباقية منحت الدولة قدرًا من المرونة سمح لها بمواجهة الأزمات، من خلال ربط صرف المخصصات المالية ببرامج محددة وفق مؤشرات أداء دقيقة، ومن أهم التطبيقات الناجحة لموازنة «البرامج والأداء» في القطاع الصحي المبادرتين الرئاسيتين للقضاء على فيروس سي، وإنهاء قوائم انتظار الجراحات والتدخلات الطبية الحرجة،
كما تم تطبيق فلسفة موازنة «البرامج والأداء» فى إدارة التعزيزات المالية وتوزيعها على المستشفيات الجامعية، حيث تم وضع عدد من المعايير الموضوعية التي تربط حجم المبالغ المقررة لكل مستشفى من هذه المخصصات بمستوى أدائها، مما أسهم في الارتقاء بالخدمات الطبية المقدمة.
وفي إطار تطبيق الدولة المصرية لموازنات البرامج والأداء تم مراعاة الموازنات المستجيبة للنوع الاجتماعي، والعمل على إعادة ترتيب الأولويات الخاصة بالإيرادات والمصروفات العامة، لتسهيل الدمج الاجتماعي للفئات الأولى بالرعاية، وضمان استفادتهم من البرامج الممولة من الموازنة العامة للدولة، ووفقاً لنتائج الدراسات العملية فان تحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين في مصر يرفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 34%، ومن ثم فقد تضمنت الموازنة العديد من برامج دعم وتمكين المرأة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
وتم تحديد أهم البرامج الموجهة للنوع الاجتماعي وتكلفتها موزعة على أبواب الموازنة المختصة، والاعداد المستفيدة من هذه البرامج موزعة على المحافظات، ومن أهم البرامج التي يتم العمل بها حالياً في اطار الموازنات المستجيبة للنوع خلال الفترة 2018/2022 برنامج الصحة الإنجابية المستهدف تنفيذه بتكلفة اجمالية تبلغ 30.8 مليون دولار ، وبرنامج تمكين المرأة بتكلفة اجمالية 18.9 مليون دولار. هذا بالإضافة الى الاستفادة غير المباشرة من كافة الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية وغيرها من الخدمات المتاحة لكافة المواطنين.
المستهدفات والأسس والأطر الحاكمة لإعداد الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2021 /2022.
فرض التعامل مع جائحة كورونا واستمرار تداعياتها المحافظة على العديد من التوازنات الاقتصادية والمالية منها؛ استمرار زيادة الإنفاق الحكومي من خلال ضخ مزيد من الاستثمارات العامة، وتحفيز النشاط الاقتصادي وزيادة مخصصات الحماية الاجتماعية، فضلاً عن الاستثمارات الموجهة لقطاعي الصحة والتعليم، من ناحية، والعمل على استقرار نسب الدين العام بل وخفضها للحدود الآمنة دولياً، من خلال خفض العجز الكلى، بجانب تحقيق فائض أولي، بما يضمن عودة الاتجاه النزولى لمسار دين أجهزة الموازنة كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي بداية من عام 2021/ 2022 من ناحية أخرى.
أهم الأهداف العامة لمشروع الموازنة الجديدة
– استمرار نمو إيرادات الموازنة بمعدلات أعلى وأسرع من معدل النمو السنوي للمصروفات.
– الحفاظ على استدامة الانضباط المالي.
-الاستمرار في دعم ومساندة القطاعات الانتاجية، خاصة قطاعيْ الصناعة والتصدير.
– دعم الفئات الأكثر تأثراً بجائحة فيروس كورونا.
– التركيز على دفع أنشطة التنمية البشرية بما في ذلك قطاعى الصحة والتعليم.
-استمرار جهود تحسين جودة البنية التحتية، والتأكد من استفادة أوسع شريحة من المجتمع من تحسن الخدمات، وجودة المرافق.
– الاستمرار في دعم سياسة التسعير السليم للسلع والخدمات، بما يضمن كفاءة تخصيص الموارد والاستخدامات من قبل كافة الجهات.
– تعظيم العائد من استخدام أصول الدولة، من خلال تبنى سياسات اقتصادية سليمة، تعتمد على التسعير السليم لتغطية إتاحة السلع والخدمات.
– التعامل مع التشابكات المالية بين جهات الدولة لتحقيق تحسن تدريجي في الأوضاع المالية لأجهزة الدولة وتحسين الخدمات المقدمة من خلالها للمواطنين.
-التوسع في برامج المشاركة بين القطاع العام والخاص بالمجالات الاستثمارية وإدارة أصول الدولة.
آليات وإجراءات تنفيذ هذه المستهدفات
عكست الملامح العامة والمؤشرات الأولية التي أعلن عنها حتى الآن مدي حرص الدولة على تحسين مستوى معيشة المواطن المصري وذلك من خلال الإجراءات الاتية:
-إقرار زيادات في مرتبات العاملين بالجهاز الإداري للدولة بنحو 37 مليار جنيه.
-رفع الحد الأدنى للأجور إلى 2400 جنيه.
-إقرار علاوتين بتكلفة نحو 7,5 مليار جنيه، الأولى علاوة دورية للموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 7% من الأجر الوظيفي، والثانية علاوة خاصة للعاملين غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 13% من المرتب الأساسي.
-زيادة الحافز الإضافي لكل من المخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بتكلفة إجمالية حوالي 17 مليار جنيه.
-زيادة قيمة المعاشات بنحو 13% بتكلفة إجمالية حوالي 31 مليار جنيه.
-ترقية الموظفين المستوفين اشتراطات الترقية في 30/6/2021، بما يحقق تحسناً في أجورهم بقيمة علاوة الترقية المقررة قانوناً بتكلفة تقدر بنحو مليار جنيه.
-تخصيص حافز مالي يقدر بحوالي 1,5 مليار جنيه للعاملين المنقولين إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
– مساندة جهود الحماية الاجتماعية للمواطنين من خلال دعم مبادرات محددة ضمن المبادرات الرئاسية والمشروعات القومية الكبرى، منها؛
* تخصيص قيمة 2,1 مليار جنيه لتمويل السنة الأولى من المشروع القومي لإحلال المركبات وتشمل 70 ألف سيارة؛ أجرة، وتاكسي، وملاكي للعمل بالغاز الطبيعي بدلاً من السولار والبنزين،
* تمويل المشروع القومي لتنمية القرى المصرية، الذي وجه به الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ضمن مبادرة “حياة كريمة”.
– دعم مخصصات قطاع الصحة للقيام بالمشروعات الاتية:
*استكمال انشاء وتجهيز 14 مستشفى، وإقامة 1250 وحدة رعاية أساسية، و8 مستشفيات تأمين صحي، وإنشاء وتطوير 398 نقطة إسعاف، وتوفير 480 سيارة إسعاف، وتوفير 510 عيادات متنقلة.
*توفير الاعتمادات اللازمة لدخول المستشفيات الخدمة.
*تحقيق الاكتفاء الذاتي من مشتقات البلازما، لزيادة معدل تغطية المحافظات بها.
* تطوير 35 مستشفى نموذجياً، سوف تكون نواة لمنظومة التأمين الصحي الشامل، وتقديم أعلى مستويات الخدمة الطبية للمواطنين دون أعباء مالية إضافية.
*توسيع النطاق الجغرافي لخدمات الكشف المبكر عن أورام الثدي والفحص الشامل للمرأة، لتغطية 25 مليون سيدة.
*تعزيز قدرات المنشآت الصحية على تقديم الخدمات الطبية بشكل مميز في ضوء مواجهة فيروس كورونا المستجد، من خلال جهود تتضمن تطوير 23 مستشفى صدر، وتطوير 42 مستشفى حميات، وتطوير المعامل المركزية، وتطوير منافذ الحجر الصحي.