قال رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية الدكتور عبد المنعم السيد، إن الدولة المصرية تسعي إلى إدارة الدين العام وفقاً لسياسات سليمة ومتجانسة على صعيد الاقتصاد الكلي وكذلك القطاع المالي لضمان استدامة مستوى الدين العام ومعدل نموه، وبالنظر الى المؤشرات الكمية تستهدف إستراتيجية إدارة الدين خفض نسبة مدفوعات الفائدة إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل الى 6.9 بالمئة بحلول 2023-2024، مقارنة بمعدل 8.8 بالمئة في السنة المالية الحالية.
وأضاف السيد، أنه في إطار خيارات إدارة الدين العام تسعي الدولة لإنشاء سوق فعالة للأوراق المالية الحكومية، وتوسيع قاعدة المستثمرين لأدوات الدين المحلية والخارجية، وذلك للحد من التكلفة والمخاطر إلى أدنى حد ممكن على المدى المتوسط إلى الطويل.
وحرصت الدولة على توفير الإطار الداعم لاستراتيجية إدارة الدين العام والمهيئ للترويج للديون المصرية لدى المستثمرين العالميين بسهولة، سواء على صعيد الاتفاقيات، أو التعديلات القانونية، وكذلك اصدار العديد من القرارات الوزارية.
الدين العام
فعلى صعيد الاتفاقيات، وقعت وزارة المالية على هامش اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي اتفاقية «الأحكام والشروط» مع بنك يورو كلير عام 2019 لتسوية استثمارات الأجانب في الدين الحكومي المحلى، إلا أن تداعيات وباء “كوفيد-19” حالت دون تفعيل الاتفاقية، ومع ذلك من المأمول أن تصبح ديون مصر المحلية قابلة للتسوية مع بنك يورو كلير بين سبتمبر ونوفمبر 2021.
ويعد Euroclear إحدى غرفتي المقاصة الرئيسية للأوراق المالية في منطقة اليورو، وتتخصص في التحقق من المعلومات المقدمة من الوسطاء المشاركين في معاملات الأوراق المالية، وتسوية الأوراق المالية المتداولة في البورصات الأوروبي، كما تعمل Euroclear أيضًا كجهة إيداع مركزي للأوراق المالية، ومستودع مركزي للأوراق المالية لعملائها، الذين يتداول العديد منهم في البورصات الأوروبية.
ويتألف معظم عملائها من البنوك والوسطاء والتجار والمؤسسات الأخرى التي تعمل باحتراف في إدارة الإصدارات الجديدة للأوراق المالية أو صناعة السوق أو التداول أو الاحتفاظ بمجموعة متنوعة من الأوراق المالية، وتقوم Euroclear بتسوية معاملات الأوراق المالية المحلية والدولية، والتي تغطي السندات والأسهم والمشتقات وصناديق الاستثمار.
الدين عامأما على صعيد القوانين والتشريعات؛ فقد استوجب ربط إصدارات الدين الحكومي المحلية بمنصة يورو كلير تعديلاً تشريعياً يسمح بتأسيس شركة لتتولى عمليات المقاصة والتسوية للسندات الحكومية وأذون الخزانة، ومن ثم تم اجراء تعديلات على قانون الإيداع والقيد المركزي.
وحظي مشروع القانون بمناقشات مستفيضة بحضور ممثلين عن هيئة الرقابة المالية، ومسئولين من شركة مصر للمقاصة، بالإضافة الى الدور البارز لأعضاء اللجنة التشريعية والدستورية بالبرلمان.
وصدر القانون رقم (143) لسنة 2020، الخاص بتعديل بعض أحكام قانون الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية رقم 93 لسنة 2000 ، والذي كان يقتصر على تنظيم نشاط الإيداع والقيد المركزي في السوق الحاضرة فقط، على حين تناولت التعديلات بالتفصيل الأحكام الخاصة بالإيداع والقيد المركزيين وعمليات المقاصة والتسوية للأوراق المالية بهدف تسوية المراكز القانونية الناشئة عن التعامل في الأوراق المالية، تحديداً لحقوق والتزامات المتعاملين على هذه الأوراق، كما نظم القانون أحكام تأسيس وإدارة الشركة التي يُرخص لها من الهيئة العامة للرقابة المالية بمزاولة نشاطي الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية.
وتم نشر القانون في الجريدة الرسمية، على أن يصدر مجلس إدارة الهيئة القواعد والإجراءات التنفيذية اللازمة لتطبيق أحكام مواد القانون.
ويعد هذا القانون قانوناً شاملاً لتنظيم عمليات الإيداع وحفظ الأوراق المالية، وإجراء المقاصة والتسوية للمراكز المالية الناشئة عن عمليات التداول ونقل ملكية الأوراق المالية، بما في ذلك قيد حقوق الرهن على الأوراق المالية، والأوراق المالية الحكومية.
الدين العام
ومن أهم ما ورد بالتعديلات على بعض أحكام قانون الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية:
– انشاء شركة تسوية ومقاصة متخصصة في الأوراق المالية الحكومية سواء كانت أذون خزانة أو سندات حكومية، بالإضافة إلى إنشاء شركات أخرى متخصصة في عمليات المقاصة والتسوية للعقود التي يجري التعامل عليها في بورصات العقود الآجلة.
– أتاح القانون للبنك المركزي المصري مباشرة نشاطي الإيداع والقيد المركزي بالنسبة للأدوات والأوراق المالية الحكومية-وأبرزها سندات وأذون خزانة-من خلال شركة مساهمة مملوكة له بالكامل أو بالمشاركة مع الغير، يتم تأسيسها وفقاً للأحكام الخاصة بالشركات العاملة في مجال الأوراق المالية.
– تضمن القانون الترخيص لمجلس إدارة الهيئة إصدار القواعد المنظمة لإيداع وقيد الأدوات والأوراق المالية الحكومية وتسوية المراكز المالية الناشئة عن تداولها، وإنشاء صندوق لضمان الوفاء بالالتزامات الناشئة عن تداول تلك الأدوات والأوراق المالية الحكومية بعد أخذ رأى البنك المركزي المصري ووزارة المالية.
– أكد القانون على أن جميع عمليات التداول التي تم تسويتها وأصبحت نهائية وفقاً للقواعد المعتمدة من مجلس إدارة الهيئة تظل سارية، ولا يجوز وقفها أو إبطالها أو الحجز عليها وذلك دون التقيد بالأحكام المنصوص عليها في أي قانون آخر.
– منح مجلس إدارة الهيئة تحديد ضوابط تشكيل مجلس إدارة الشركات بأنواعها المختلفة التي تزاول نشاطي الإيداع والقيد المركزي، وتحديد الحدود القصوى لمقابل الخدمات التي تقدمها شركة الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية وذلك حمايةً للمتعاملين في الأوراق المالية وتخفيفاً لاعباء تكلفة التعامل.
– الالزام بنقل أذون الخزانة والسندات الحكومية المودعة لدى الشركات القائمة وقت العمل بأحكام القانون إلى شركة المقاصة والإيداع المركزي للأدوات والأوراق المالية الحكومية خلال ستة أشهر من تاريخ تأسيسها.
– تنظيم رهن الأوراق والأدوات المالية والأوراق والأدوات المالية الحكومية، فللمدين الراهن للأوراق أو الأدوات المالية الحق في استغلالها متى كان اتفاق الرهن ينص على ذلك وبشرط أن يلتزم باستبدالها بأوراق أو أدوات مالية أخرى لا تقل في القيمة أو الشروط عن الأوراق أو الأدوات المرهونة قبل حلول أجل الالتزام المضمون بالرهن، ولا يخل ذلك بكافة حقوق الدائن المرتهن على الأوراق أو الأدوات المالية وفقا لاتفاق الرهن بما في ذلك الحق في التنفيذ على الأوراق أو الأدوات المرهونة أو تلك التي تم استبدالها بها.
– السماح لشركة الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية في حالة إفلاس أحد أعضائها بإجراء المقاصة والتسوية لما صدر من هذا العضو من أوامر نهائية، وأن تقوم بتسوية المراكز المالية الناشئة عنها، فضلاً عن السماح للهيئة بإبطال تلك العمليات والأوامر إذا اقترنت بغش مع التزام العضو المفلس بالتعويض وذلك تفعيلاً لدور الهيئة في الرقابة على السوق وحماية للمتعاملين حسني النية.
– أسند القانون لمجلس إدارة الهيئة تحديد الضوابط الخاصة بهيكل ملكية شركات الإيداع والقيد المركزي للأدوات والأوراق المالية الحكومية والشركات التي تزاول نشاط العقود الآجلة.
واستكمالا لما ورد بالقانون أصدر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قرارين وزاريين تم نشرهما في الجريدة الرسمية في عددها رقم 52، الصادر في 24 ديسمبر 2020:
– القرار رقم 2589 لسنة 2020 بالترخيص لوزارة المالية بالاشتراك مع البنك المركزي المصري في تأسيس شركة مساهمة يكون غرضها الإيداع والقيد المركزي للأوراق والأدوات المالية الحكومية.
– القرار رقم 2590 لسنة 2020 بالترخيص لوزارة المالية بالاشتراك في تأسيس شركة مساهمة.
الدين العامهيكل الملكية
تتشكل ملكية شركة المقاصة وتسوية أدوات الدين الحكومية بمساهمات من البنك المركزى بحصة 70% ووزارة المالية 30%، وذلك بعد استبعاد شركة مصر للمقاصة والحفظ والإيداع المركزى من هيكل الملكية. استنادا إلى امتلاك البنك المركزى المصرى القدرات الفنية والإدارية اللازمة لبناء الأنظمة الإلكترونية والتكنولوجية الخاصة بنظام عمل تسوية السندات وأذون الخزانة الحكومية. ويبلغ رأس مال الكيان الجديد نحو 100 مليون جنيه.
العوائد الاقتصادية المتوقعة من ربط إصدارات أدوات الدين الحكومي بالعملة المحلية ببنك يورو كلير:
من المتوقع أن يسهم ربط إصدارات أدوات الدين الحكومي بالعملة المحلية ببنك يورو كلير في رفع كفاءة إدارة الدين العام بمصر، وتحقيق العديد من العوائد الاقتصادية منها على سبيل المثال:
– رفع كفاءة سوق كفاءة الأوراق المالية الحكومية، مما يسهم في خفض تكلفة الاقتراض والحد من المخاطر إلى أدنى حد ممكن على المديين المتوسط والطويل.
– توسيع قاعدة المستثمرين من خلال اتاحة التعامل على أدوات الدين الحكومية المصرية بين شريحة أكبر من المستثمرين الأجانب، بالإضافة الى جذب العديد من الصناديق السيادية والبنوك المركزية الكبرى التي لا يمكن جذب استثماراتها سوى عبر شركة المقاصة الدولية.
– توفير قنوات آمنة للتمويل، نظرا لما تمتع به الاستثمارات السيادية التابعة للحكومات والبنوك المركزية من استقرار نسبي مقارنة بغيرهم من المستثمرين.
– ضخامة حجم التعاملات بالتالي زيادة القدرة على تغطية الاحتياجات التمويلية.
– تزايد ثقة المؤسسات والأسواق العالمية بإصدارات الدين المصرية، مما ينعكس إيجاباً على أوضاع سعر الصرف، والاحتياطات من النقد الأجنبي، وكذلك مؤشرات الحساسية إزاء التقلبات الخارجية.
– تعزيز الشفافية في سياسات وممارسات إدارة الدين العام، مما يتيح الرقابة والمساءلة بصورة دورية.