لماذا سميت الزراعة البعلية بهذا الاسم؟ سؤال يطرحه العديد من أبناء الجيل الحالي الذين لم يشهدوا تعامل الآباء والأجداد مع السيول والفيضانات والتحايل عليها وتخزينها بطرق معينة في باطن التربة للاستعانة بها لاحقاً في الزراعة ومن ثم العيش، والزراعة البعلية المعروفة أيضًا بالزراعة المطرية هي نظام زراعي يعد من أقدم أشكال الزراعة التي عرفها الإنسان، وما زال يلعب دورًا حيويًا في الزراعة، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة وفي هذا المقال سنعرف سبب التسمية وأهمية هذا النظام الزراعي وعوامل نجاحه وأمثله له عبر موقع القرار الإخباري.
عناصر الموضوع
لماذا سميت الزراعة البعلية بهذا الاسم
تأتي إجابة لماذا سميت الزراعة البعلية بهذا الاسم متمثلة في أن الزراعة البعلية تعتمد على مياه الأمطار الطبيعية كمصدر رئيسي للري حيث تختلف هذه الطريقة عن الزراعة المروية التي تعتمد على مصادر مياه أخرى مثل الأنهار أو الآبار كما يعتبر هذا النوع من الزراعة مناسبًا للمناطق التي تتلقى كميات وفيرة من الأمطار خلال فترات محددة من السنة(أمطار موسمية وفيضانات او سيول)، وفي هذه المناطق يمكن للمزارعين زراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل مثل الحبوب والبقوليات والخضروات.
أصل التسمية وأهميتها التاريخية
أصل كلمة “بعل”
تعود كلمة “بعل” إلى اللغات السامية القديمة، حيث كانت تعني “السيد” أو “الرب”، وفي الأساطير الكنعانية القديمة كان بعل هو إله المطر والخصوبة المسؤول عن هطول الأمطار وضمان نمو المحاصيل، لذلك أصبح مصطلح “الزراعة البعلية” مرتبطًا بالزراعة التي تعتمد على المطر.
أهمية الزراعة البعلية عبر العصور
في ضوء حديثنا عن لماذا سميت الزراعة البعلية بهذا الاسم، لنسلط الضوء على أهمية هذا النوع من الزراعة، حيث أن منذ العصور القديمة كانت الزراعة البعلية الطريقة الرئيسية للزراعة في العديد من الحضارات، بما في ذلك الحضارات السامية والكنعانية حينما كانت الزراعة تعتمد بشكل كبير على الدورة الطبيعية للأمطار ما جعلها مناسبة للعديد من المناطق التي تفتقر إلى مصادر المياه الدائمة، و إلى يومنا هذا لا تزال الزراعة البعلية تلعب دورًا حيويًا في الاقتصاد الزراعي للعديد من البلدان، خاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأجزاء من أفريقيا وآسيا.
أنواع الزراعة البعلية
لماذا سميت الزراعة البعلية بهذا الاسم؟ بعد ان تحدثنا قليلا عن إجابة هذا السؤال، لنتحدث الآن عن انواع الزراعة:-
- الزراعة البعلية الصيفية
تتم الزراعة البعلية الصيفية خلال موسم الربيع والصيف، حيث تزرع المحاصيل من مارس إلى منتصف أبريل، وتتطلب هذه الفترة كمية كافية من الأمطار لضمان نمو المحاصيل مثل الذرة والقمح وبعض أنواع الخضروات.
- الزراعة البعلية الشتوية
تُزرع المحاصيل الشتوية من منتصف سبتمبر حتى نهاية نوفمبر، وتتناسب هذه الزراعة مع المحاصيل التي تحتاج إلى فترة نمو أطول وتتحمل درجات الحرارة المنخفضة، مثل القمح والشعير والبقوليات.
أمثلة على الزراعة البعلية
- منطقة البحر الأبيض المتوسط
تُعتبر منطقة البحر الأبيض المتوسط مثالًا نموذجيًا للزراعة البعلية حيث يعتمد المزارعون في هذه المنطقة على الأمطار الشتوية لزراعة المحاصيل مثل القمح والشعير والزيتون بسبب مناخها المعتدل وهطول الأمطار الوفير والكافي كنا تُحقق هذه المنطقة إنتاجية زراعية جيدة باستخدام طرق الزراعة البعلية.
- أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى
في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تُعد الزراعة البعلية النظام الزراعي الأساسي في العديد من البلدان مثل إثيوبيا وكينيا ونيجيريا حيث تعتمد هذه الدول على الأمطار الموسمية لزراعة محاصيل رئيسية مثل الذرة والدخن وغيرها نظرًا لعدم توفر مصادر مياه دائمة، تُعتبر الزراعة البعلية الطريقة الأكثر استدامة لزراعة المحاصيل في هذه المناطق.
عوامل نجاح الزراعة البعلية
- الأمطار الكافية
نجاح الزراعة البعلية يعتمد بشكل رئيسي على توافر كمية كافية من الأمطار خلال موسم الزراعة؛ فمعظم المحاصيل تتطلب كمية معينة من الرطوبة في التربة لتتمكن من النمو وإنتاج محصول جيد.
- معرفة التوقيت المناسب للزراعة
يجب على المزارعين معرفة التوقيت المناسب لزراعة كل نوع من المحاصيل لضمان استفادتها القصوى من مياه الأمطار، وهذه المعرفة تأتي من سنوات من الخبرة والتجربة في الزراعة البعلية.
- اختيار المحاصيل المناسبة
لا تستطيع جميع المحاصيل النمو بنجاح تحت نظام الزراعة البعلية، لذلك يجب اختيار المحاصيل التي تتحمل الجفاف وقادرة على النمو مع الاعتماد على مياه الأمطار فقط، و تشمل هذه المحاصيل الحبوب مثل القمح والشعير، والبقوليات مثل الفول والفاصوليا والعدس.
- تحسين إدارة التربة
يغطي المزارعين التربة بمواد عضوية مثل التبن أو نباتات السماد الأخضر للحفاظ على الرطوبة ومنع التبخر، وهذه الطريقة تساعد في تحسين خصوبة التربة وزيادة إنتاجية المحاصيل.
التحديات التي تواجه الزراعة البعلية
بعد إجابتنا على سؤال لماذا سميت الزراعة البعلية بهذا الاسم، لنتحث الآن عن التحديات التي تواجهها كالتالي:-
- التغيرات المناخية
تعتبر التغيرات المناخية من أكبر التحديات التي تواجه الزراعة البعلية لأن التغيرات في نمط هطول الأمطار وزيادة فترات الجفاف يمكن أن تؤثر سلبًا على إنتاجية المحاصيل وعلى سبيل المثال: تزايد فترات الجفاف في مناطق مثل الساحل الأفريقي أدى إلى انخفاض كبير في إنتاجية المحاصيل، مما أثر على الأمن الغذائي في تلك المناطق .
- نقص الموارد المالية والتقنية
غالبًا ما يواجه المزارعون الذين يعتمدون على الزراعة البعلية نقصًا في الموارد المالية والتقنية اللازمة لتحسين ممارساتهم الزراعية، هذا النقص يمكن أن يؤدي إلى تدهور التربة وانخفاض إنتاجية المحاصيل على سبيل المثال: يعاني المزارعون في بعض مناطق الهند من نقص في الوصول إلى التقنيات الزراعية الحديثة مما يقلل من قدرتهم على تحسين إنتاجية محاصيلهم .
- التنافس على الموارد المائية
التنافس الكبير على المياه بين الزراعة والاستخدامات الأخرى في المناطق التي تعاني من نقص في الموارد المائية الأمر الذي يؤدي إلى استنزاف الموارد المائية المتاحة ويزيد من صعوبة الزراعة البعلية.
الأساسيات الخاصة بالزراعة البعلية
في ضوء حديثنا عن سؤال لماذا سميت الزراعة البعلية بهذا الاسم، لنخض نقاشًا حول الأساسيات الخاصة للزراعة:-
- تحسين إدارة مياه الأمطار
يمكن زيادة إنتاجية الزراعة البعلية من خلال تحسين إدارة مياه الأمطار، ويشمل ذلك استخدام تقنيات مثل حصاد مياه الأمطار، وإنشاء خزانات لتخزين المياه، واستخدام أنظمة الري البسيطة لتوزيع المياه بفعالية أكبر.
على سبيل المثال: في منطقة الساحل الأفريقي نجحت مبادرات حصاد مياه الأمطار في زيادة إنتاجية المحاصيل بنسبة تصل إلى 50% .
- التكامل مع سياسات إدارة الموارد المائية
يتطلب نجاح الزراعة البعلية تكامل سياسات إدارة الموارد المائية على مستوى الحوض، و يشمل ذلك توزيع المياه بشكل عادل بين مختلف المستخدمين وضمان استدامة الموارد المائية على المدى الطويل.
مثلاً: في مناطق حوض النيل تُعتبر سياسات إدارة الموارد المائية المتكاملة ضرورية لضمان استدامة الزراعة البعلية وتعزيز الأمن الغذائي .
- الاستثمار في البنية التحتية والأسواق
تحسين البنية التحتية الزراعية وتوفير الوصول إلى الأسواق يمكن أن يزيد من إنتاجية الزراعة البعلية، ويشمل ذلك بناء طرق للوصول إلى الأسواق، وتحسين مرافق التخزين، وتوفير التدريب والدعم التقني للمزارعين.
مثال: في كينيا ساعدت مشاريع تطوير البنية التحتية على زيادة وصول المزارعين إلى الأسواق، مما أدى إلى تحسين دخلهم وزيادة إنتاجية محاصيلهم .
- تنويع المحاصيل وتحسين التربة
تنويع المحاصيل وزراعة أنواع مختلفة من النباتات يمكن أن يساعد في تحسين خصوبة التربة وزيادة الإنتاجية بالإضافة إلى ذلك يمكن استخدام تقنيات مثل الزراعة المحافظة على التربة وزراعة المحاصيل المثبتة للنيتروجين لتحسين صحة التربة وزيادة إنتاجية المحاصيل.
مثال: في البرازيل أدى استخدام هذه التقنيات إلى زيادة كبيرة في إنتاجية المحاصيل وتحسين خصوبة التربة .
إجمالاً وللإجابة على سؤال: لماذا سميت الزراعة البعلية بهذا الاسم؟ نقول: تعد الزراعة البعلية من أهم الأنظمة الزراعية التي تعتمد على مياه الأمطار كمنبع رئيسي للري في المناطق التي تعاني من نقص في الموارد المائية، وبالرغم من التحديات التي تواجه هذا النوع من الزراعة إلا أنها تظل خيارًا استراتيجيًا للعديد من المناطق، خاصة في ظل التغيرات المناخية والتحديات البيئية الحالية.