شهد عام 2023 استمرار تبعات المشهد الدولي وتداعيات الأزمات الدولية المتعاقبة سواء جائحة فيروس كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية على أداء الاقتصاد العالمي والتجارة الخارجية وكذلك على أوضاع الاقتصاد المصري.
وأدت تلك الأزمات إلى نقص ملحوظ في المعروض من مختلف السلع في الأسواق الدولية في ظل توقف وعدم انتظام سلاسل الإمداد العالمية، وما ترتب على ذلك من ارتفاعات كبيرة في أسعار النفط والغاز الطبيعي والسلع الغذائية الاستراتيجية، مما فاقم من الضغوط التضخمية وفرض على كافة الدول اتخاذ العديد من الإجراءات والسياسات لامتصاص اثر هذه الصدمات.
صمود الجمهورية الجديدة:
وحرصت الدولة المصرية على المضي قدما في مسارات التنمية التي انتهجتها لتحقيق النمو الاحتوائي الشامل جنبا الى جانب مع سياسات إدارة الازمات واحتواء اثار الصدمات، حيث نجحت الجمهورية الجديدة في التصدي للأزمات والتحديات خلال عام 2023.
ورصد مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، الذي حصلت منصة “القرار” على نسخة منه، الأداء الاقتصادي للجمهورية الجديدة خلال عام 2023 من خلال تحليل عناصر الرؤية التنموية للاقتصاد المصري، وما تعرضت له من تحديث وتطوير، وتتبع تطور أداء أبرز المؤشرات الاقتصادية، في ضوء السياسات الكلية المتبعة.
التخطيط الاستراتيجي لمسارات التنمية:
تمتلك مصر رؤية تنموية شاملة جسدتها استراتيجية التنمية المستدامة “رؤية مصر 2030” التي تعتبر أول استراتيجية يتم صياغتها وفقاً لمنهجية التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى والتخطيط بالمشاركة، حيث تم إعدادها بمشاركة مجتمعية واسعة راعت مرئيات المجتمع المدني والقطاع الخاص والوزارات والهيئات الحكومية، كما لاقت دعماً ومشاركة فعالة من شركاء التنمية الدوليين، الأمر الذي جعلها تتضمن أهدافاً شاملةً لكافة مرتكزات وقطاعات الدولة المصرية.
كما راعت الحكومة التطورات المتلاحقة محليا ودوليا؛ وتم تحديث هذه الاستراتيجية بحيث يعكس الهدف الاستراتيجي “اقتصاد متنوع معرفي تنافسي” المنظور الاقتصادي لرؤية مصر 2030، وتعتمد النسخة الـمُحدّثة من هذه الرؤية على أربعة مبادئ أساسية وهي العدالة، الإتاحة للجميع، والـمرونة، والتكيّف للتعامُل مع الـمُستجِدّات الدولية السريعة.
أهداف استراتيجية مصر 2030:
وتتبلور أهمية هذه الـمبادئ في كونها الحاكمة لفاعليّات تنفيذ الأهداف الستة للاستراتيجية الوطنية لرؤية مصر 2030 الـمُحدّثة، والـمُمثلة في (الارتقاء بجودة حياة الـمواطن وتحسين مُستوى معيشته، والعدالة الاجتماعيّة والـمُساواة، ونظام بيئي مُتكامل ومُستدام، واقتصاد مُتنوّع معرفي تنافُسي، وبنية تحتية مُتطوّرة، والحوكمة والشراكات).
ومن شأن تحقيق هذه الأهداف الحد من الفجوة النوعية، وتوفير الحماية الاجتماعية، وتحقيق الإدماج وتكافؤ الفرص، بجانب تعزيز التنمية الـمكانية والـمحلية الـمُتوازنة لسد الفجوات التنموية والتفاوتات الداخلية بين الأقاليم والـمناطق الجغرافية الـمُختلفة.