الاقتصاد الرقمي العالمي يمثل 15.5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي بقيمة 11.5 تريليون دولار
قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر حقق ناتج محلى 108 مليار جنيه العام الماضي .. والاستثمارات بلغت 48.1 مليار جنيه
زيادة عدد المستخدمين لشبكة الإنترنت من 40.9 إلى 48.5 مليون مستخدم خلال عام
تخصيص 12.7 مليار جنيه لمشروع تحديث البنية المعلوماتية والمحتوى الرقمى للدولة المصرية العام المالى الحالى
مصر في المرتبة الثالثة بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمؤشر التنافسية الرقمية العالمية
استبق الاقتصاد العالمي أزمة وتداعياتها بتسجيل أدنى معدل نمو له على مدى عقد من الزمن عام 2019، فعلى حين سجل معدل النمو الاقتصادي العالمي نمواً متزايداً ليبلغ 3.2%، 3.8%،3.9% خلال الأعوام 2016، 2017، 2018 على التوالي وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، إلا أنه انخفض إلى 2.9% عام 2019 متأثراً بتصاعُد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والضغوط الاقتصادية الكلية في الأرجنتين وتركيا، والاضطرابات في قطاع صناعة السيارات في ألمانيا، وتشديد سياسات الائتمان في الصين، وتضييق الأوضاع المالية إلى جانب عودة السياسة النقدية إلى طبيعتها في الاقتصادات المتقدمة الكبرى، مما ساهم في إضعاف التوسع العالمي إلى حد كبير، وخاصة منذ النصف الثاني من عام 2018.
ومع التأثير السلبي لجائحة فيروس كورونا على النشاط الاقتصادي منذ النصف الأول من عام 2020 من المتوقع أن يبلغ النمو العالمي -4.9% في وأن يكون التعافي بطيئاً ومتدرجاً فوفقًا لتقديرات المؤسسات الدولية، بلغ إجمالي الخسائر والنفقات العالمية خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2020 ما يقدر بنحو 12 تريليون دولار وهو ما يمثل 12% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
و فرضت مواجهة جائحة كورونا وتداعياتها نمطاً جديداً من الأداء الاقتصادي، وحتمية التحول السريع نحو الاقتصاد الرقمي الذي يتيح للاقتصاديات مرونة كبيرة في مواجهة الأزمات والتعامل معها، فقد أثبتت التجربة أن الدول التي تتمتع بمهارات رقمية متقدمة وبنية معلوماتية رصينة تمكنت من التكيف والتعامل مع الجائحة بمرونة وفعالية بدرجة أكبر.
من ناحية أخرى كشفت الجائحة عن الكثير من الفجوات الرقمية بين الدول والاقاليم بل وحتى داخل الدولة الواحدة، فضلاً عن اشكالية بناء المواطن الرقمي ومحو الأمية المعلوماتية.
وفيما يلي نرصد مدي التطور الذي لحق بالاقتصاد الرقمي على المستوى العالمي والعربي ، مع التركيز على خصوصية التجربة المصرية.
مساهمة الاقتصاد الرقمي في الاقتصاد العالمي
يتميز الاقتصاد الرقمي بتداخله وتقاطعه مع العديد من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية، ففي ظل التكنولوجيا والرقمنة يصبح الاقتصاد أكثر مرونة، و الابتكار والجودة أساس الميزة التنافسية، والمنافسة أشد وأقسي، ورأس المال الانساني والاجتماعي هو المصدر الأساسي للقيمة المضافة، في ظل تغيرات سريعة وعنيفة للأسواق لا يمكن توقعها أو التنبؤ بها.
وأصبح من الصعوبة بمكان التحديد الكمي الدقيق للقيمة المضافة التي يسهم بها الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الاجمالي العالمي، وتستند التقارير والدراسات الصادرة عن المؤسسات الدولية الى تقديرات متفاوتة لعل أكثرها دقة تقرير الاقتصاد الرقمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، ووفقاً لهذا التقرير بلغت قيمة الاقتصاد الرقمي العالمي حالياً 11.5 تريليون دولار، أو 15.5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، مع التوقعات بأن ترتفع هذه النسبة إلى 25% خلال أقل من عقد من الزمان.
وتتفاوت هذه النسبة بين الدول ، فعلى حين يمثل الاقتصاد الرقمي نحو 22% من حجم الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية، فانه يصل لنحو 30% في الصين، كما تزيد أو تقل النسبة بعض الشيء في دول الاتحاد الأوروبي. على حين تقتصر حجم مساهمة الاقتصاد الرقمي في المنطقة العربية على 12% في المتوسط، مع وجود تباين كبير بين دول المنطقة.
جهود التحول الرقمي في الدول العربية
تباينت جهود الدول العربية لتعزيز التحول الرقمي، وعلى صعيد العمل العربي المشترك كان هناك العديد من المبادرات منها على سبيل المثال:
– استراتيجية الاقتصاد الرقمي العربي
أعلنت جامعة الدول العربية في عام 2018 بالتعاون مع مجلس الوحدة الاقتصادية العربية عن إطلاق “الرؤية الاستراتيجية العربية المشتركة للاقتصاد الرقمي” لتكون دليلاً لدفع عجلة التنمية الاقتصادية في العصر الرقمي، وذلك باعتبارها خطوةً لتمهيد الطريق نحو بناء اقتصاد رقمي مستدام في المنطقة، وتهدف هذه الرؤية إلى بناء اقتصاد رقمي نابض بالحياة بوصفه المحرك الأساسي نحو مستقبل مستدام وشامل وآمن للعالم العربي.
-تدشين المؤشر العربي للاقتصاد الرقمي
أطلق مجلس الوحدة الاقتصادية العربية “المؤشر العربي للاقتصاد الرقمي” كأول مؤشر عربي لقياس تطور ممارسات الاقتصاد الرقمي في المنطقة العربية، حيث يقيس لأول مرة قدرات الدول ومدى نضج تجربتها، وآليات عملها في الوصول لمستويات جيدة ومنافسة في مجال الاقتصاد الرقمي.
ويتضمن هذا المؤشر 57 مؤشراً فرعياً تم تجميعها ضمن تسعة محاور رئيسية تشمل: البنية المؤسسية للمنظمات العاملة بالدولة الحكومية وغير الحكومية، البنية التحتية التكنولوجية والتشريعية، بيئات الأعمال والتغطية الشبكية، التعليم والمهارات، القدرة على الابتكار، المعرفة والتكنولوجيا، خدمات الحكومة الرقمية، الخدمات المالية والمصرفية، وأخيراً محور التنمية المستدامة الذي يؤكد على أهمية أن تخضع أعمال التنمية الاقتصادية لمعايير تراعي مثلث الإنسان والبيئة والاقتصاد معاً بشكل متوازن.
ورصد المؤشر استمرار تقدم دولة الإمارات العربية المتحدة في صدارة الدول العربية، حيث احتفظت بالمركز الأول للعام الثاني على التوالي، وبصفة عامة ما زالت دول الخليج تتصدر المشهد على الساحة الرقمية.
التجربة المصرية في التحول نحو الاقتصاد الرقمي
قطعت مصر شوطاً كبيراً في مسيرة التحول نحو الاقتصاد الرقمي القائم على المعرفة من خلال تطبيق أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، واستهدفت الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة أن تكون مصر بحلول عام 2030 مجتمعاً مبدعاً مبتكراً ومنتجاً للعلوم والتكنولوجيا والمعارف، ويربط تطبيقات المعرفة ومخرجات الابتكار بالأهداف والتحديات الوطنية، وتحويل المعرفة والابتكار الى منتجات ذات قيمة يمكن قياسها، وتلبي الاحتياجات التنموية للدولة خلال الخمسة عشر سنة القادمة، كما حددت الاستراتيجية مستهدفات كمية لمؤشرات التنمية الرقمية بحيث يمكن من خلال تتبعها وتحليلها الوقوف على مدي التطور الذي لحق بالاقتصاد الرقمي على مدي الفترة الزمنية المستهدفة .
كما حددت هذه الاستراتيجية التحديات التي تقف حجر عثرة أمام النهوض بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ورتبتها فيما يلي:
-ضعف بيئة الأعمال المحفزة والجاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية في هذا القطاع.
-عدم انتشار الثقافة الرقمية وضعف منظومة التجارة الإلكترونية والربط مع شبكة البريد.
-ضعف المحتوى الرقمي باللغة العربية وتضاؤل نسبة وجوده.
-عدم ملائمة البيئة القانونية والتنظيمية للاحتياجات التكنولوجية المتطورة ،مثل :قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية، وإجراءات تحكيم الاستثمار الدولي.
-ضعف الإنفاق الحكومي على توطين الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
-ضعف ترتيب مصر بالنسبة لمؤشر e-friction ، والذي يقيس العوامل التي تحول دون الوصول إلى الانترنت واستخداماته، الأمر الذي يحد من تعظيم الاستفادة من الاقتصاد الرقمي.
وسعياً من الدولة بكافة مؤسساتها لمواجهة هذه التحديات، كان هناك العديد من الانجازات التي يمكن التعرف عليها من خلال رصد وتحليل واقع الاقتصاد الرقمي في مصر، الذي يتمثل في مدى التطور الذي لحق بقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المعنى بصورة مباشرة بالرقمنة وآلياتها، ويتولى مهام دعم التحول الرقمي على عدد من الأصعدة، بالإضافة الى التحليل القطاعي لأهم وأكثر القطاعات جاهزية للتحول الرقمي في مصر، وأهم التشريعات الداعمة للتحول الرقمي، وانعكاس هذه التطورات على وضع وترتيب مصر في المؤشرات الدولية، وذلك على النحو التالي:
أولا: تطور مساهمة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في النشاط الاقتصادى
يعد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من أهم القطاعات الرائدة المحركة للنمو الاقتصادي، استنادًا الى ما حققه هذا القطاع من نمو متزايد، فقد ارتفعت مساهمته في النمو الاقتصادي من نحو 3.1% عام 2014/2015 الى نحو 3.3%، 3.6%،5.7%، 7.5%، في الأعوام 2015/2016، 2016/2017، 2017/2018، 2018/2019 على التوالي.
كما حقق الناتج المحلي لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نمواً متزايداً من 80.1 مليار جنيه عام 2017/2018، ليصل إلى 93.4 مليار جنيه عام 2018/2019، بنسبة 16.6%، وخلال عام 2019/2020 حقق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ناتج محلى يقدر بنحو 108 مليار جنيه وذلك بمعدل نمو بلغ نحو % 15.6 خلال عام 2019/2020 ليكون بذلك أعلى قطاعات الدولة نمواً رغم جائحة كورونا.
ومن ثم فهو يحظى باهتمام متزايد من قبل الحكومة، حيث بلغ حجم الاستثمارات فى قطاع الاتصالات 28,8 مليار جنيه خلال عام 2017/2018، ثم ارتفع بنسبة 22,9%، ليصل إلى 35,4 مليار جنيه خلال عام 2018/2019، وخلال عام 2019/2020 بلغ إجمالي الاستثمارات المنفذة فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 48.1 مليار جنيه بنسبة زيادة قدرها 35.8%.
وسعيًا لدعم جهود التحول الرقمي تم تخصيص حوالى 8 مليار جنيه في موازنة العام المالي 2019/2020 لمشروع تحديث البنية المعلوماتية والمحتوى الرقمى للدولة المصرية، وارتفعت هذه الاعتمادات لنحو 12.7 مليار جنيه فى العام المالى الحالى لتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لاستكمال مسيرة هذا التحديث، وتهيئة البنية التكنولوجية والمعلوماتية للانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، وميكنة الوثائق الحكومية.
وبالنظر الى التطور الذي حققته مؤشرات البنية الأساسية للاتصالات، فقد أبدت الدولة اهتماماً بالغاً بالبنية التحتية الأساسية، والبنية التحتية للمعلومات والمحتوى الرقمي، وتصميم الإلكترونيات وتصنيعها، وتنمية المجتمع الرقمى، وبرامج ومبادرات صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأمن السيبراني والتوقيع الإلكتروني، وهو ما انعكس على زيادة عدد مستخدمي الإنترنت من 37.9 مليون مستخدم عام 2017/2018، ليصل إلى 40.9 مليون مستخدم عام 2018/2019، وارتفع هذا العدد لنحو 48.5 مليون مستخدم بكثافة انتشار 55.7 % عام 2019/2020، كما بلغ عدد مشتركى الانترنت فائق السرعة (ADSL) نحو 8.6 مليون مشترك بنهاية أكتوبر 2020؛ مقارنة بنحو 7.17 مليون مشترك بنهاية أكتوبر 2019 بزيادة 1.43 مليون مشترك جديد، و بلغ عدد مشتركي(Mobile Broadband) حوالى 45.5 مليون مستخدم بنهاية أكتوبر 2020 مقارنة بنحو 42.25 مليون مستخدم بنهاية أكتوبر 2019.
وارتفع متوسط قيمة مؤشر قطاع الاتصالات والاعلام وتكنولوجيا المعلومات فى البورصة المصرية فى الفترة من يناير-نوفمبر من عام 2020 حوالى1040 نقطة مقارنة بـ 954 نقطة خلال نفس الفترة من عام 2019.
ثانيا: التحليل القطاعي لأهم وأكثر القطاعات جاهزية للتحول الرقمي في مصر
عملت الدولة على دمج تكنولوجيا المعلومات في القطاعات الاقتصادية المختلفة لزيادة كفاءة تلك القطاعات وزيادة انتاجيتها، ومن أهم هذه القطاعات:
– رقمنة المالية العامة
تستهدف السياسة المالية والضريبية تكامل كافة الأنظمة الإلكترونية بوزارة المالية بمختلف قطاعاتها ومصالحها بنهاية يونيو 2021، بما يسهم فى تعزيز الحوكمة وإرساء دعائم الانضباط المالى ورفع كفاءة الإنفاق العام، والعمل على تحديث وميكنة منظومة الإدارة الجمركية وإدارة الصادرات والواردات إلكترونياً عبر منظومة المراكز اللوجستية، بما يسهم فى تبسيط الإجراءات وتقليص زمن الإفراج لأقل من 5 أيام، وتقليل تكاليف التخليص الجمركى، مما يساعد فى تحفيز بيئة الاستثمار وتحسين ترتيب مصر فى المؤشرات الدولية لأداء الأعمال.
– رقمنة الخدمات الحكومية
في اطار جهود الحكومة للتحول الرقمي تم إطلاق المنصة الرقمية عام 2020 بغرض إتاحة الخدمات الحكومية إلى المواطنين إلكترونياً دون تدخل عنصر بشرى، من خلال أدوات تضمن التحقق من هوية المواطن من خلال الرقم القومى ورقم المحمول، فضلاً عن الحصول على الخدمات بسهولة ويسر دون الحاجة لإدراج مستندات، مع توفير منظومة دفع مؤمنة، واتاحة التوصيل عبر البريد، والاستفادة من تعدد منافذ الخدمة لتناسب كافة أطياف المواطنين.
وقد نجح المشروع الرقمى المميز في توفير 72 خدمة خلال عام 2020، كما يستهدف إضافة 210 خدمات جديدة فى عام 2021 بينها خدمات للشركات والمنشآت الاقتصادية، كما تستهدف فى عام 2022 إضافة 170 خدمة جديدة، ثم 98 خدمة فى 2023، ليصل إجمالى الخدمات التى تقدمها المنصة إلى 550 خدمة.
– الشمول المالي
تبنت مصر خطة متكاملة للتحول إلى مركز إقليمي لصناعة التقنيات المالية في المنطقة العربية وإفريقيا، وفي هذا السياق تم اطلاق العديد من المبادرات منها على سبيل المثال:
*استراتيجية التقنيات المالية لعام 2019
في إطار تشجيع الابتكار واستخدام التقنيات في تلبية الاحتياجات المتنوعة للعملاء وخاصة الشباب، تم إطلاق “استراتيجية التقنيات المالية لعام 2019 “خلال فعاليات ملتقى الشباب العربي والأفريقي الذي ٌعِقدَ في أسوان خلال شهر مارس 2019 ، بما يتوافق مع “استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030.” حيث يسعى البنك المركزي المصري من خلال تطبيق هذه الاستراتيجية إلى تعزيز التوجه نحو تمكين الشباب، ودعم ريادة الأعمال، والحفاظ على التوازن بين الاستقرار المالي وحرية الابتكار، وتلبية الاحتياجات العديدة والمتنوعة للسوق المصري.
مبادرة “الشمول المالي الرقمي لعام2021”
أطلقت الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية، مبادرة “الشمول المالي الرقمي لعام2021″، وذلك باستخدام أدوات الدفع الرقمية بين المتعاملين في الأنشطة المالية غير المصرفية وبشكل خاص في الـمشروعات متناهية الصغر، وتهدف مبادرة الرقابة المالية الى استكمال الجهود المبذولة لتفعيل منظومة الدفع غير النقدي، ورفع معدلات الشمول المالي، واحتواء الاقتصاد غير الرسمي في وسائل الدفع الإلكتروني وذلك فى إطار تيسير امتثال جهات تمويل المشروعات متناهية الصغر وعملائها من أصحاب المشروعات للالتزام بمتطلبات القانون رقم (18) لسنة 2019 الخاص بتنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي.
كما تستهدف الهيئة العامة للرقابة المالية تسهيل إجراءات التعاملات المختلفة مع كافة مؤسسات القطاع المالي غير المصرفي، وذلك بالتحول إلى استخدام قنوات التواصل الرقمية والإلكترونية لتلقي وتقديم الخدمات الرقابية وتقليص استخدام المستندات الورقية والتواصل باليد أو بالبريد العادي شاملا خدمات؛ التسجيل والتحديث والمتابعة الدورية من خلال التقارير الفنية والقوائم المالية، وكذلك المتابعة التشريعية.
– رقمنة المدن الجديدة
تم اختيار مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات العاصمة الإدارية الجديدة لتكون العاصمة العربية الرقمية لعام 2021، وذلك استناداً لبنيتها التحتية الرقمية والتكنولوجية فائقة التقدم، ولاحتضانها جهود تحقيق التحول الرقمي وتنمية المهارات والقدرات الرقمية في الدولة، وكذا استضافتها لجامعة مصر المعلوماتية والتي تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة، حيث بلغت قيمة الاستثمارات التي ضختها شركة العاصمة الإدارية في مشروعات التكنولوجيا التي يجري تنفيذها نحو 25 مليون دولار.
-توفير الرعاية الصحية الشاملة
في إطار البرنامج القومي للتأمين الصحي، تم البدء في الإجراءات التنفيذية لميكنة منظومة التأمين الصحي الشامل بمحافظة بورسعيد، وتدريب مدخلي البيانات على تسجيل ومراجعة بيانات المنتفعين من خلال منظومة تسجيل المنتفعين، فضلًا عن اعتماد برنامج الكتروني لتنفيذ مبادرات السيد رئيس الجمهورية المهمة لتوفير رعاية صحية شاملة للمواطنين.
وتعد حملة 100 مليون صحة نموذجاً ناجحاً ومتكاملاً لتطبيق التحول الرقمي تم من خلالها الكشف عن مرضى الالتهاب الكبدي الوبائي والأمراض الغير سارية بمساعدة وزارة الصحة. وقد جاءت أهمية هذه الحملة في ظل أهمية معرفة أعداد مرضى الكبد في مصر وجمع المعلومات الصحية عن المواطنين للبدء في وضع خطة لعلاج هذه الأمراض وتوفير الكميات المناسبة من العقاقير وتجهيز المستشفيات، …. الخ.
-قطاع التعليم
كان لتكنولوجيا المعلومات اسهامًا واضحًا في تحسين تنافسية نظم ومخرجات التعليم، من خلال تدريب عدد كبير من المعلمين على توظيف التكنولوجيا في العملية التعليمية، كما اعتمدت منظومة التعليم الجديدة على التابلت والشبكات والبرمجيات، وتم إجراء إمتحانات إلكترونية لتفادي التسريب ومحاولات الغش وتفادي أخطاء التصحيح وتحقيق الشفافية والعدالة في التقييم، بالإضافة الى بدء الدراسة بعدد 3 مدارس للتكنولوجيا التطبيقية.
ثالثا: الأطر التشريعية الداعمة للاقتصاد الرقمي
يعد الإطار التشريعى أحد ركائز استراتيجية بناء مصر الرقمية، وفي إطار الجهود المبذولة لتبني أنظمة التحول الرقمي على مستوى كافة الأصعدة، قامت مصر بتهيئة البيئة التشريعية الداعمة ومن أهم هذه التشريعات:
– قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017
الذي تضمن العديد من الحوافز للمناطق التكنولوجية، للتسهيل على المستثمرين، وتفعيلاً لهذا القانون قامت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، بالتعاون مع وزارات العدل والاتصالات والمالية بتفعيل تكنولوجيا التوقيع الإلكتروني في منظومة تأسيس الشركات، لتسهيل الإجراءات بين الكيانات الحكومية والقطاع الخاص و تبسيط إجراءات الحصول علي الخدمات الاستثمارية.
– القانون رقم 18 لسنة 2019 بشأن تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي
استهدف هذا القانون التحول إلى مجتمع رقمي، تمهيداً لتحول الاقتصاد إلى اقتصاد غير نقدي، كما صدرت اللائحة التنفيذية للقانون متضمنة آليات جديدة لتوسيع قاعدة الشمول المالي، والتحول للاقتصاد غير النقدي، بما يتسق مع جهود الدولة في إطلاق حزم الخدمات المميكنة للتيسير على المواطنين دون تحميلهم أي أعباء إضافية. وأجازت اللائحة التنفيذية لأجهزة الدولة والأشخاص الاعتبارية العامة التي تتعامل مع الجمهور أن تمنح المتعاملين معها حوافز إيجابية للسداد بوسائل الدفع غير النقدي، ومن بين هذه الحوافز تخفيض المبالغ المستحقة بنسبة لا تُجاوز 5% من قيمتها، ورد جزء من المبالغ المدفوعة بهذه الوسائل بنسبة لا تُجاوز 3% من قيمتها، ووضع برامج النقاط، أو المكافآت التي تتضمن مزايا مالية أو عينية بما لا يُجاوز 5% من قيمة المبالغ المدفوعة بهذه الوسائل.
– القانون رقم 72 لسنة 2019 بإنشاء الجامعات التكنولوجية
وانشاء عدد من الجامعات الالكترونية لتطوير التعليم الفني التطبيقي، بالإضافة الى تبنى الحكومة برنامج لتعميق التنمية التكنولوجية بتكلفة كلية حوالي 146 مليون جنيه.
– قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020
حرص هذا القانون على مواكبة التطورات في الصناعة المصرفية خاصة ما يتعلق بالاستفادة من التكنولوجيا المالية والبنوك الرقمية وإصدار العملات الرقمية، من خلال توفير البنية التشريعية لدعم تطبيق أحدث أنظمة الدفع العالمية، والتعامل في ظل الاقتصاد الرقمي، كما نظم القانون خدمات الدفع والتكنولوجيا المالية وحظر مزاولة أي نشاط يتضمن تشغيل نظم الدفع أو تقديم خدمات الدفع إلا بعد الحصول على الترخيص اللازم من البنك المركزي، على أن يحدد مجلس إدارة البنك المركزي شروط واجراءات منح هذه التراخيص وقواعد التشغيل البيني بين أنظمة الدفع، و شروط ومواصفات الهيكل التنظيمي واجراءات الحوكمة وإدارة المخاطر، وكذلك ضوابط الاستعانة بشركات التعهيد والوكلاء.
– قانون حماية البيانات الشخصية
عمل القانون على تنظيم حيازة وجمع ومعالجة البيانات الشخصية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وخلق بيئة آمنة لتداول المعلومات أيً كان نوعها حتى ولو إلكترونية، وتجريم جمع البيانات الشخصية بطرق غير مشروعة أو دون موافقة أصحابها.
رابعاً: مؤشرات الاقتصاد الرقمي في مصر
انعكست جهود الدولة بكافة مؤسساتها في في مجال التكنولوجيا والمعرفة والرقمنة، على تحسن ترتيب مصر في العديد من مؤشرات الاقتصاد الرقمي في الاونة الاخيرة ، ومن أهم هذه المؤشرات:
-مؤشر التنافسية الرقمية العالمية
جاءت مصر في المرتبة الثالثة بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد السعودية والجزائر، بمجموع نقاط 114 نقطة، خلال الفترة (2017-2019)، كما حصلت على 29 نقطة في محور “النظام البيئي الرقمي”، و85 نقطة في محور “الثقافة الرقمية”، وذلك استنادا الى أبرز إنجازات مصر في مجال التنافسية الرقمية؛ حيث أعلنت الحكومة في 2018 عن إنشاء “مدينة المعرفة” في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، لتصبح مركزًا إقليميًّا للابتكار والتطوير العلمي. وفي 2019 أصبحت مدينة بورسعيد أول مدينة رقمية في مصر، وكذلك تتجه الحكومة إلى إعادة هيكلة شاملة للنظام الضريبي، ووضع إطار تشريعي قوي يكفل حوكمة التجارة الإلكترونية، وأمن البيانات، ومكافحة الجرائم الإلكترونية.
كما أعلنت الحكومة عن رغبتها في بناء 4000 مركز شباب في مختلف أنحاء الجمهورية؛ لتطوير القدرات البشرية حول التحول الرقمي.
وتجدر الاشارة الى انه يتم تعريف التنافسية الرقمية العالمية من قبل مركز التنافسية العالمية من خلال ثلاثة عوامل رئيسية (المعرفة والتكنولوجيا والجاهزية المستقبلية) لقياس قدرة البلد على تطبيق واستكشاف التقنيات الرقمية التي تؤدي إلى تحول في ممارسات الحكومة وخلق نماذج أعمال والتأثير على المجتمع بشكل عام.
ويستند التقرير إلى بيانات تقرير التنافسية للمنتدى الاقتصادي العالمي؛ حيث يتضمن “الصاعد الرقمي” 140 دولة تم تصنيفها إلى 9 مجموعات هي: (مجموعة الدول السبع، مجموعة العشرين، منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ، منطقة أوراسيا، منطقة أوروبا وأمريكا الشمالية، منطقة أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي، منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، منطقة جنوب آسيا، منطقة إفريقيا جنوب الصحراء).