ضريبة الكربون الحدودية هى أحد مساعى الاتحاد الأوروبي ليصبح أول قارة محايدة مناخيًا بحلول عام 2050، حيث أطلق خطة طموحة تُعرف بـ”الصفقة الخضراء الأوروبية” في عام 2019 وتم اعتمادها رسميًا في 2020. هذه الخطة تضع خارطة طريق تشمل سياسات ضريبية وغير ضريبية تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق الاستدامة البيئية. وفي سبتمبر 2020، أعلن الاتحاد الأوروبي عن هدفه لخفض الانبعاثات بنسبة 55% بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 1990. لتحقيق ذلك، قدمت المفوضية الأوروبية في يوليو 2021 حزمة تشريعات تحت اسم “Fit for 55″، والتي تهدف إلى تسريع خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتنسيق السياسات المتعلقة بالمناخ والطاقة والنقل والضرائب واستخدام الأراضي. ضمن هذه الجهود، فرض الاتحاد الأوروبي معايير جديدة للواردات، مثل آلية تعديل حدود الكربون (CBAM)، التي تلزم المنتجات المستوردة، بما فيها الأسمدة، بالامتثال للمعايير البيئية وتقليل الانبعاثات الكربونية لضمان التنافسية العادلة مع المنتجات الأوروبية.
بقلم الدكتور طارق عبد العليم استشارى منظمة الفاو والوكالة الألمانية للتعاون الدولى ( للقرار ):
السياسات الدولية الخاصة بتقليل الانبعاثات الكربونية وفرض ضريبة الكربون الحدودية هل تمثل تحديات أمام صناعة الأسمدة 2026 ؟
عناصر الموضوع
صناعة الأسمدة تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد المصري وتساهم في تعزيز مكانة مصر بين أكبر الدول المصدرة عالميًا، لكنها بحاجة إلى تطوير مستدام لمواجهة التحديات المستقبلية
يسعى الاتحاد الأوروبي ليصبح أول قارة محايدة مناخيًا بحلول عام 2050
“الصفقة الخضراء الأوروبية”تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق الاستدامة البيئية
تُعد صناعة الأسمدة من أهم الصناعات في مصر، حيث توفر احتياجات السوق المحلي من الأسمدة المدعمة وتساهم بشكل كبير في زيادة الصادرات. فقد وصلت صادرات الأسمدة المصرية خلال عام 2023 إلى حوالي 5 مليارات دولار، وهو ما يُظهر الدور الكبير لهذه الصناعة في دعم الاقتصاد المصري.
في عام 2022، بلغت قيمة صادرات الأسمدة 3.4 مليار دولار مقارنة بـ 2.3 مليار دولار في 2021، مما جعل مصر تحتل المرتبة السابعة عالميًا في صادرات الأسمدة. ويرجع هذا النمو إلى الأزمة الروسية الأوكرانية، التي أثرت على الإمدادات العالمية، مما فتح أمام مصر أسواقًا جديدة، خاصة في الاتحاد الأوروبي، كبديل عن الأسمدة الروسية.
أما على صعيد الإنتاج، تنتج مصر سنويًا:
- 8 مليون طن من الأسمدة النيتروجينية.
- 7 ملايين طن من صخر الفوسفات.
- 4 ملايين طن من الأسمدة الفوسفاتية.
كما تحتل مصر المرتبة السادسة عالميًا في إنتاج اليوريا، وتُعد خامس أكبر مصدر لها، مما يعزز مكانتها في سوق الأسمدة العالمي.
ومع ذلك، تواجه الصناعة تحديات بيئية في المستقبل، مثل السياسات الدولية الخاصة بتقليل الانبعاثات الكربونية وفرض ضريبة الكربون الحدودية. وللتعامل مع هذه التحديات، تحتاج مصر إلى:
- الاستثمار في تقنيات إنتاج أكثر حفاظًا على البيئة.
- تحسين كفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات.
- التوافق مع المعايير البيئية في الأسواق العالمية.
باختصار، صناعة الأسمدة تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد المصري وتساهم في تعزيز مكانة مصر بين أكبر الدول المصدرة عالميًا، لكنها بحاجة إلى تطوير مستدام لمواجهة التحديات المستقبلية.
التى فرضها الأتحاد الأوروبى على الواردات “Fit for 55″ماهى حزمة الأتحاد الأوروبى
ضريبة الكربون الحدودية تلزم المنتجات المصدرة للأتحاد الأوروبى ، بما فيها الأسمدة، بالامتثال للمعايير البيئية وتقليل الانبعاثات الكربونية لضمان التنافسية العادلة مع المنتجات الأوروبية
الهدف من الآلية هو خلق توازن بين المنتجين المحليين والمستوردين، مع تشجيع الدول الشريكة على تقليل الانبعاثات الكربونية في عمليات الإنتاج الخاصة بها.
آلية تعديل حدود الكربون (CBAM) تُعد جزءًا مهمًا من الصفقة الخضراء الأوروبية وحزمة “Fit for 55″، وتهدف إلى مواجهة خطر تسرب الكربون الناتج عن انتقال الشركات إلى دول ذات متطلبات أقل لخفض الانبعاثات أو انخفاض أسعار الكربون مقارنة بالاتحاد الأوروبي. تشمل الحزمة مراجعة نظام تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي من خلال توسيع نطاقه ليشمل قطاعات جديدة، وخفض كمية التراخيص السنوية للانبعاثات تدريجيًا، وإلغاء التصاريح المجانية. ورغم أن هذه الإجراءات تشجع إزالة الكربون من الصناعة، إلا أنها تؤدي إلى ارتفاع أسعار الكربون، ما يهدد بزيادة تسرب الكربون. وللتصدي لهذا الخطر، فرض الاتحاد الأوروبي آلية CBAM، التي دخلت حيز التنفيذ في 17 مايو 2023، وطبقت بالكامل في 1 أكتوبر 2023، حيث يتم فرض رسوم على واردات السلع التي تحتوي على انبعاثات كربونية بنفس قيمة الرسوم المفروضة على السلع المنتجة داخل الاتحاد الأوروبي، مع تعديل هذه الرسوم إذا كانت الدولة المصدّرة تفرض أسعار كربون محلية. كما ستحل الآلية محل التخصيص المجاني للتصاريح في نظام تجارة الانبعاثات الممنوحة حاليًا للمنتجين الأوروبيين المعرّضين لمخاطر تسرب الكربون. الهدف من الآلية هو خلق توازن بين المنتجين المحليين والمستوردين، مع تشجيع الدول الشريكة على تقليل الانبعاثات الكربونية في عمليات الإنتاج الخاصة بها.
مسارات الصفقة الأوروبية الخضراء وتأثيراتها على المنتجات
القواعد الجديدة في الصفقة الأوروبية الخضراء ستؤثر في البداية على السلع المستوردة من خارج الاتحاد الأوروبي والتي تحتوي على نسبة عالية من الكربون. هذه السلع تشمل منتجات من قطاعات مثل الأسمنت والكهرباء والأسمدة والألمنيوم والحديد والصلب والهيدروجين، بالإضافة إلى بعض المنتجات الأولية والنهائية مثل الحديد والصلب والألمنيوم.
وبعد تنفيذ آلية تداول الانبعاثات عبر الحدود، تخطط المفوضية الأوروبية لتوسيع هذه القواعد لتشمل جميع القطاعات التي تخضع لتجارة الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030.
بدءت المرحلة الأنتقالية لتنفيذ ضريبة الكربون الحدودية بالأتحاد الأوروبى بأكتوبر 2023 والتنفيذ الكامل يناير2026
تتم تنفيذ لوائح آلية الحد من الانبعاثات الكربونية عبر الحدود (CBAM) على مرحلتين. المرحلة الأولى هي المرحلة الانتقالية التي بدأت في 1 أكتوبر 2023 وتنتهي في 31 ديسمبر 2025. الشركات التي ترغب في الاستمرار في استيراد السلع في عام 2026 يجب عليها التسجيل كمعلنين لدى CBAM خلال عام 2025. بعد التسجيل، يجب تقديم تقارير ربع سنوية تتضمن بيانات الانبعاثات المُتحققة أو تقديرات التخلف عن السداد. لا يحتاج المعلنون إلى شراء شهادات CBAM في هذه المرحلة. كانت التقارير الأولى لآلية مراقبة السلع المستوردة من المقرر تقديمها في الربع الرابع من عام 2023 بحلول 31 يناير 2024، على أن تكون التقارير الأخيرة في 31 يناير 2026، التي تغطي السلع المستوردة خلال الربع الرابع من عام 2025. المرحلة الثانية هي التنفيذ الكامل التي تبدأ في 1 يناير 2026، حيث سيبدأ المستوردون في تقديم تقارير سنوية وشراء شهادات CBAM لتعويض أي نقص في أسعار الكربون. يجب تقديم التقرير السنوي الأول بحلول 31 مايو 2027. يمكن أن يواجه المستوردون غرامات وقيود تجارية إذا لم يقدموا تقارير دقيقة أو لم يسلموا شهادات CBAM المطلوبة. سيتم التخلص تدريجيًا من تقديرات التخلف عن السداد، ولن تقبل إلا بيانات الانبعاثات التي تم التحقق منها
الاستعداد لمبادرة الاتحاد الأوروبي آلية تعديل حدود الكربون
يتعين على الشركات البدء في جمع بيانات موثقة عن انبعاثاتها، حتى لو لم تكن تصدر مباشرة إلى الاتحاد الأوروبي.
الشركات التي تصدر مباشرة إلى الاتحاد الأوروبي ستحتاج أيضًا إلى التسجيل كمعلنة في CBAM خلال عام 2025، لأن الفشل في التسجيل سيمنعها من استيراد السلع المغطاة بـ CBAM في عام 2026.
يتعين على الشركات البدء في جمع بيانات موثقة عن انبعاثاتها، حتى لو لم تكن تصدر مباشرة إلى الاتحاد الأوروبي. قد يطلب المستوردون أو الوكلاء المسجلون أو العملاء هذه البيانات لضمان التوافق مع المتطلبات، لذا من المهم أن تكون الشركات مستعدة لتقديم المعلومات عند الحاجة. الشركات التي تصدر مباشرة إلى الاتحاد الأوروبي ستحتاج أيضًا إلى التسجيل كمعلنة في CBAM خلال عام 2025، لأن الفشل في التسجيل سيمنعها من استيراد السلع المغطاة بـ CBAM في عام 2026.
ستتضمن المعلومات التي يجب تقديمها في تقارير CBAM ما يلي:
- تفاصيل الشركة: مثل عنوان المكتب المسجل والممثل المعتمد.
- بيانات المنتج: مثل رموز CN وحجم المنتج (بالطن) المستورد.
- انبعاثات النطاق 1: الانبعاثات المباشرة من الإنتاج.
- انبعاثات النطاق 2: الانبعاثات من الكهرباء المستخدمة في الإنتاج، ومصدر الكهرباء.
- الانبعاثات المضمنة: الانبعاثات المرتبطة بمواد الإنتاج.
- سعر الكربون: أي رسوم كربون تم دفعها في بلد المنشأ.
ونتيجة لمبادرة خفض الانبعاثات الكربونية، قد ترغب الشركات في مراجعة عمليات التصنيع وسلاسل التوريد لديها للبحث عن فرص لخفض الانبعاثات، مما قد يساعد في تقليل تكلفة الكربون لمنتجاتها وزيادة قدرتها التنافسية في سوق الاتحاد الأوروبي.