جنون الأسعار وجشع التجار:
ضربت المغالاة في الأسعار كافة السلع الأساسية الهامة، في ظل حربا ضروس تخوضها معارض الحكومة “أهلا رمضان” والمنافذ الثابتة والمتحركة التابعة لوزارات الزراعة والتموين والتنمية المحلية، لتوفير تلك السلع بأسعار تقل عن مثيلتها بنحو 30% وأكثر، لتخفيف العبء على المواطن، في ظل أزمة يشتكي منها سكان العالم أجمع.
ورصدت جولة ميدانية لمنصة “القرار” في أسواق القاهرة والجيزة، جنون الأسعار وجشع التجار، وسط تضارب في السعر بين تاجر وآخر، وسط اختفاء شبه كامل للرقابة على الأسواق وهي مهمة وزارة التموين، ما جعل التجار يتحكمون بشكل كبير على تحديد الأسعار والبيع بها، وسط آنين جيوب المواطنين من غلاء الأسعار يومًا بعد يوم.
مواطنون يلجأون للاستغناء عن بعض المنتجات:
وتقول وفاء سمير، سيدة ثلاثينية العمر، ربة منزل، وأم لطفل، إنها اضطرت للاستغناء عن عدة سلع ارتفع ثمنها أكثر من مرة الآونة الأخيرة، ما دفعها لاستبدالها بمنتجات أخرى أقل سعراً، وذلك حتى يتناسب دخل أسرتها مع حدود احتياجاتهم، خاصة أن هناك التزامات ضرورية للطفل وتأخذ حيز كبير من الدخل.
وتضيف سمير، في تصريحات لـ”القرار“، أنها استغنت عن شراء اللحوم القطع، واستبدلت مكانه شراء “اللحم المفروم” لدخوله في أكثر من صنف أكل، كـ”الكفتة والبشاميل والسمبوسة ألخ”، واستغنت عن الدواجن بشراء الأسماك، رغم أن أسعار المنتجين غالي.
وأوضحت سمير أنها لم تكتفِ باستبدال منتجات محل أخرى وحسب، بل اضطرت أيضًا إلى شراء البدائل مرة شهريًا بدلاً من 3 مرات سابقًا، مشيرة إلى هناك أساسيات أخرى ارتفع سعرها ومجبرة على شرائها كـ”الأرز والمكرونة والخضروات”، وأنها تضطر حينًا بعد الأخر تقليل الشراء وتعويض منتج بأخر، متخوفة من نهاية تلك الاستراتيجية التي قد تدفعها للاستغناء عن اللحوم والدواجن والأسماك بشكل تام.
جنون الأسعار وجشع التجار:
وأتفق معها في الرأي، أحمد رؤوف، أربعيني العمر، موظف قطاع خاص، يعول أسرة من زوجة وطفلين، قائلاً إن دخله لم يتحسن كثيرا في المنشأة التي يعمل لديها، مقارنة بالغلاء الذي اكتسح الأسواق، وأنه مضطر للتعامل مع تلك الأزمة بالمقاطعة للعديد من المنتجات بدون إرادة منه، ولكنه حلاً بديلاً عن السلف والعوز.
وأضاف رؤوف، لـ”القرار“، أنه يجب على الدولة فرض سيطرتها على التجار لوقف تلاعب البعض بالأسعار، وخاصة أن هناك سلعًا لا تستوردها مصر وأسعارها تسجل زيادة أكثر من السلع المستوردة، ضاربًا المثل بالأرز، الذي تجاوز سعره الآن الـ30 جنيها، رغم أن مصر تحقق فائض فوق الاكتفاء الذاتي من إنتاجه.
معارض “أهلا رمضان” طوق النجاة للفقراء:
فيما أكد حسن محمد، أربعيني العمر، عامل، في تصريحات لـ”القرار“، أنه يشتري أغلب منتجاته من معارض الحكومة، وأن أسعارها “جيدة” مقارنة بالأسواق، واصفًا معارض “أهلاً رمضان” بأنها بمثابة “طوق نجاة” للفقراء في شهر رمضان، مطالبًا الحكومة باستمرار مثل تلك المعارض بعد رمضان، لتكون البديل الآمن لمحدودي الدخل من انفلات الأسعار في الأسواق المحلية.
نقيب الفلاحين يطالب الحكومة بمزيد من الجهد لخفض الأسعار:
من ناحيته، قال نقيب الفلاحين، حسين عبدالرحمن، إن معظم أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل جنوني، لاسيما أسعار اللحوم بكافة أنواعها والتي ارتفعت أسعارها إلى مستوى لا يتحمله المواطنين، لافتا إلى أن كرتونة البيض تخطت الـ100 جنيه لأقل الأنواع سعرا، فيما تخطى كيلو اللحم الأحمر الجيد الـ300 جنيه، فيما وصل كيلو الدواجن البيضاء إلى 80 جنيها.
وطالب نقيب الفلاحين، الحكومة ببذل المزيد من الجهود للحد من ارتفاع الأسعار، ولوقف استمرار ارتفاع أسعار اللحوم الأيام القليلة القادمة، مشيرا إلى أن أسعار اللحم الجملي يتراوح ما بين 210 إلى 230 جنيها للكيلو، ولحوم البتلو تتراوح ما بين 240 إلى 280 جنيها.
وتابع: “تراوحت أسعار لحم الكندوز ما بين 250 إلى 320 جنيها للكيلو، فيما تباع اللحوم المستوردة المجمدة ما بين 130 إلى 190 جنيها للكيلو حسب نوع ومكان بيع اللحمة، ووصلت أسعار الضأن إلى 280 جنيه للكيلو”.
وأشار نقيب الفلاحين، إلى أن أسعار الدواجن تراوحت من 80 إلى 110 جنيها للكيلو حسب النوع ومكان البيع، ووصل كيلو فراخ البانيه إلى 180 جنيها للكيلو وتراوح سعر كيلو السمك البلطي من 80 إلى 90 جنيها للكيلو فيما تخطت كرتونة البيض حاجز الـ100 جنيه لأقل الأنواع سعرا.
وأشار عبدالرحمن، إلى أن الحكومة ما زالت حتى الآن لم تبذل قصاري جهدها لخفض الأسعار مطالبا الجهات المعنية بأن تراعي في تحركاتها لخفض الأسعار مصلحة الإنتاج المحلي محذرا من إغراق السوق المحلي بالمنتجات المستوردة، والتي تضر بالإنتاج المحلي مستقبلا.
اقرأ أيضًا| “القرار” تكشف موعد انتهاء شهادتي الـ19% والـ22% في بنكي مصر والأهلي
واردف أنه يتوقع موجة قصيرة المدة من ارتفاع أسعار اللحوم الأيام القليلة القادمة، حيث يزيد الطلب على اللحوم بعد إفطار الأخوة المسيحيين بجانب استعداد المربين والجزارين لموسم عيد الأضحى المبارك، مؤكدا أن الارتفاع الجنوني في الأسعار يرجع إلى توالي الأزمات العالمية من ازمة تفشي وباء كورونا الي ازمة روسيا وأوكرنيا بالإضافة إلى العجز المحلي من مستلزمات الاعلاف واللحوم الحمراء.
مطالبا الحكومه بحل ازمة نقص الاعلاف والعمل علي خفض اسعارها بالتوازي مع بذل المزيد من الجهود للسيطرة علي الارتفاع الجنوني للاسعار في الاسواق المحليه لتخفيف الأعباء عن المواطنين وقطع الطريق علي المستغلين وتجار الازمات.
مجلس الوزراء يجتمع لحل الأزمة:
وفي السياق ذاته، عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، اجتماعاً مع حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي؛ لمتابعة موقف توفير احتياجات السوق المحلية من الأعلاف والذرة الصفراء وفول الصويا.
وخلال الاجتماع، عرض وزير الزراعة تقريراً حول كميات الأعلاف المطلوبة خلال الفترة المقبلة، مؤكداً على الحاجة لتوفير كميات كافية تلبي احتياجات مزارع الدواجن، وتسمح بحدوث انخفاضات في أسعار الأعلاف، بما يدعم الإنتاج المحلي من الدواجن وبيض المائدة، ويحول دون ارتفاع أسعارها.
وتم التوافق، في ختام الاجتماع، على قيام القطاع المصرفي بإجراءات سريعة لتوفير موارد النقد الأجنبي اللازمة لزيادة كميات الأعلاف في السوق المحلية، وتسريع إجراءات الإفراج عن شحنات الذرة الصفراء وفول الصويا؛ من أجل الحفاظ على استمرارية دورات إنتاج الدواجن في المزارع، وتفادي أية انقطاعات في الإنتاج.