يُعرف البعض مصطلح المخلفات الزراعية بأنها منتجات ثانوية بمنظومة الإنتاج الزراعي، فيما يصفها البعض بأنها “فضلات” بل والبعض الأخير يقول إنها “نفايات”، وهي مصطلحات تعبر عن جهل مطلقها ومسميها، حيث إن هذه المخلفات كنز مُهدر لا يُقدر مكانته سوى العلماء والحكماء، كونها تدخل في صناعات كثيرة مثل صناعة الأسمدة العضوية والأعلاف والطاقة النظيفة، بل وإعادة تدويره يحمي البيئة من التلوث؛ ويوفر فرص عمل للشباب، وبالتالي تحسين الوضع الاقتصادي.
مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعي لـ”القرار“: نستهدف رفع كميات الأسمدة العضوية وإنتاج الأعلاف غير التقليدية بإعادة تدوير المخلفات الزراعية
عبد المحسن: المخلفات الزراعية تدخل في إنتاج الكحول الايثانول والغاز الحيوى والوقود السائل والوقود الغازى وإنتاج ألواح الأخشاب المضغوطة.. ويمكننا النهوض بالأشغال اليدوية من مخلفات النخيل والغاب والبوص
عناصر الموضوع
أرقام هامة حول المخلفات الزراعية
أبسط ما يمكنك معرفته حتى لا تقع في بئر عدم تقدير ثروات هذا الكنز عن دون قصد؛
- 75 مليون طن سنويًا أخر إحصائية حول حجم المخلفات الزراعية التي يمكننا تدويرها وإعادة استخدامها.
- 9.2 مليون طن مخلفات زراعية في محافظة الشرقية كأعلى معدل للمخلفات بنسبة 12%
- 55% نسبة المخلفات في 6 محافظات منها الشرقية والبحيرة والدقهلية والفيوم وكفر الشيخ
- 31.3 ملون طن مخلفات تنتج عن محصول القمح بنسبة 41.66% سنويًا
- 29 مليون طن مخلفات منتجة من الذرة الشامية والصفراء والرفيعة بنسبة 40%
- محصولي القمح والذرة فقط يُعدان مصدران للمخلفات الزراعية بنسبة 60%.
ويستعرض لكم موقع “القرار” الإخباري في التقرير التالي؛ بالأرقام، إحصائيات المخلفات الزراعية في محافظات مصر، ومصادر تلك المخلفات من المحاصيل، بجانب طرق وحلول الاستفادة منها.
المخلفات الزراعية بالمحافظات
كشفت دراسة أعدها مسؤولي وزارة الزراعة وباحثين بمركز البحوث الزراعية بدأوها في 2019؛ ومستمرة حتى الآن، عن تضخم أرقام نسب المخلفات المُهدرة في المحافظات، وعدم استغلالها، حيث بلغت نسب المخلفات في محافظة الشرقية نحو 9.2 مليون طن بنسبة 12%، فيما بلغت المخلفات بمحافظة البحيرة 8.3 مليون طن بنسبة 11%، ووصلت نسبتها في محافظة الدقهلية ما يزيد عن 7 مليون طن بنسبة 9%، ثم تليها محافظة الفيوم بحجم 6.2 مليون طن بنسبة 8%، فيما احتلت كفر الشيخ المرتبة الخامسة برصيد 6 مليون طن بنسبة 7.8%.
وفيما يلي النسب بالتفاصيل ..
واقتصرت مصادر تلك المخلفات على المحاصيل الحقلية فقط، حيث إن الدراسة خلت من ذكر أية مخلفات من مصادر أخرى مثل المحاصيل السكرية كالقصب وبنجر السكر مثلا، ولا عن محاصيل الخضر والفاكهة، ولا مخلفات الإنتاج الحيواني والسمكي، فيما يحاول واضعي الدراسة استكمال البيانات الخاصة بالمخلفات من كافة أنشطة الإنتاج النباتي والحيواني والسمكي.
المخلفات الزراعية حسب المحصول
وحاز محصول القمح على المصدر الأول للمخلفات بنسبة 41.66%، يليه محصول الذرة الشامية بنسبة 20.77%، ثم قش الأرز بنسبة 14.94%، والذرة الصفراء بنسبة 11.44%؛ وهي المحاصيل التي تستأثر معا بنحو 88% من جملة المخلفات من المحاصيل الحقلية.
وبيّنت الإحصائية أن محصول القمح يساهم كمصدر في المخلفات بقيمة 31.3 مليون طن، فيما يساهم محصول الذرة الشامية بقيمة 15.6 مليون طن، فيما بلغت قيمة محصول قش الأرز 11.2 مليون طن، وبالنسبة للذرة الصفراء فلغت قيمتها 8.6 مليون طن، واحتلت الذرة الرفيعة المرتبة الخامسة بقيمة 3.7 مليون طن.
كما أنه تجدر الإشارة إلى أن هذا الحجم من المخلفات لم يوضح إذا ما كانت ناتجة عن حصاد المحاصيل فقط، أم أنها تضم أيضا تلك المخلفات الناجمة عن الفاقد بسبب معاملات ما بعد الحصاد من تداول ونقل وتخزين وتصنيع حتى مراحل التسويق.
وبالرغم من ذلك فإن هذه البيانات توضح مدي ضخامة حجم المخلفات التي يمكن أن تكون نعمة تسهم في استدامة استخدام الموارد الطبيعية إذا أحسن استخدامها، بدلا من أن تكون نقمة ومصدرا للتلوث وإهدار الموارد إذا تركت دون إدارة متكاملة لها.
وقال مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعي؛ بوزارة الزراعة، الدكتور علي عبد المحسن، إن وزارة الزراعة تستهدف تعظيم الاستفادة الاقتصادية من الكميات الهائلة من المخلفات سواء نباتية أو حيوانية أو سمكية أو مخلفات التصنيع الزراعى على مستوى القرى لتحسين دخول المزارعين.
وأضاف عبد المحسن، في تصريحات خاصة لـ”القرار”، أن الوزارة تستهدف أيضًا رفع كميات الأسمدة العضوية المتاحة محليا لتسهم في التوسع في تطبيق نظم الزراعة الكثيفة النظيفة والعضوية لزيادة تنافسية المحاصيل الزراعية المنتجة في مصر، بجانب إنتاج أعلاف غير تقليدية من المخلفات تسهم في خفض استيراد الأعلاف التقليدية المطلوبة للإنتاج الحيواني والسمكي.
ولفت إلى أنه مستهدف إنتاج منتجات ثانوية تقوم على الاستخدام المبتكر للمخلفات الزراعية مثل إنتاج الصبغات الطبيعية من الرمان، وبعض الأدوية الشعبية من ورق الجوافة، والحرف اليدوية، وإنتاج الفطر عيش الغراب .. إلخ، مما يعمل على تحسن المحيط البيئى والصحى في المناطق الريفية، ويخلق فرص عمل جديدة غير تقليدية للشباب فى المناطق الريفية.
وأكد أنه متوقع أن ينتج عن تحقيق تلك المستهدفات إيجاد كوادر من الشباب الريفى المؤهل في مجال التعامل الفني الآمن مع المخلفات، والمدرب والقادر على الابتكار للاستفادة اقتصاديا من هذه المخلفات بعمل مشاريع صغيرة ومتوسطة على مستوى القرى والمراكــز، بجانب توفير وحدات لإنتاج الأسمدة العضوية تامة التحلل والمفيدة للتربة الزراعية للتوسع في الزراعات الكثيفة والنظيفة.
اقتصاديات تدوير المخلفات الزراعية النباتية وتأثيرها على البيئة
ونوّه مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعي، بأنه سيتم تقليل الفجوة العلفية فى مصر عن طريق إنتاج أعلاف غــير تقليدية بمعاملة المخلفات الزراعية باليوريا أو الأمونيا أو المعاملة بالفطريات أو إنتاج السيلاج وبالتالى تخفيض تكلفة تغــذية الحــــيوانات، وأيضًا إنتاج الطاقة المتجددة والحيوية البديلة من المخلفات الزراعية النباتية والحيوانية خاصة فى المناطق البعيدة والمعزولة والمحرومة من المصادر التقليدية للطاقة، بجانب حماية البيئة من التلوث بالمخلفات وكذلك التخلص من مصادر توطن الآفات الضارة.
وأوضح أنه لتحقيق هذا لابد من توافر الشراكة مع المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني القادرة علي دعم مشاريع الابتكار الاجتماعي للأفراد والجماعات في مجال استخدام المخلفات علي غرار النماذج التي تم تجريبها بالفعل في بعض المناطق الريفية في مصر، بجانب آلية فعالة لتقديم قروض ميسرة للمساهمة فى تكاليف إنشاء المشروعات القائمة علي تدوير المخلفات الزراعية، وأيضًا عمل حملات توعية لرفع الوعى الشعبى بحجم المشكلة وكيفية التعامل الآمن والمفيد معها وبث روح المشاركة والمسئولية المجتمعية لكـبار رجــال الأعمال المصريين.
وأضاف عبد المحسن، أنه يستوجب أيضًا تعديل أو إصدار التشريعات التى من شأنها تشجيع الإدارة المتكاملة للمخلفات الزراعية والاستفادة منها، وتدبير أراض خارج زمام القري مجهزة بالمرافق ومطابقة للمواصفات البيئية والصحية لمراكز تجميع ومعالجة المخلفات، بالإضافة إلى توفير ورش تصنيع وصيانة الأدوات والمعدات اللازمة لنقل لمخلفات وعمليات معالجتها محليا.
وبيّن مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعي، أنه يمكن من خلال المخلفات نقل تكنولوجيا التدوير الآمن للمخلفات الزراعية والمناسبة للظروف المصرية مع تشجيع تصنيع الآلات والمعدات اللازمة محلياً، وإنتاج الأعلاف غـير التقليدية والأسمدة العضوية من المخلفات، وإنتاج مواد عالية القيمة (السيلاج– عيش الغراب– استنبات بذور الشعير– الزراعة على بالات قش الأرز كبديل لتعقيم التربة).
وتابع: “يمكننا أيضًا إنتاج الطاقة الحيوية كحول الايثانول– الغاز الحيوى أو البيوجاز– التكسير الحرارى – الوقود السائل– الوقود الغازى – إنتاج قوالب الطاقة أو قـولبة مخلفات النباتية، وإنتاج لب الورق وألواح الأخشاب المضغوطة، والنهوض بالأشغال اليدوية التى تعتمد على بعض لمخلفات مثل مخلفات النخيل والغاب والبوص.
وأشار مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعي، إلى أنه يمكن اختيار مناطـق التنفــيذ وفقاً لخريطة تركـيز وتوزيع وكذلك التصنيف النوعى والكمى للمخلفات الزراعية وأنواعها فى مختلف الاقاليم الزراعية المصرية فعلى سبيل المثال:
- مخلفات تصنيع قصب السكر (إقليم مصر العليا) وبنجر السكر بالمناطق الأخري.
- مخلفات عصر وتصنيع زيت الزيتون (إقليمي شرق وغرب الدلتا).
- مخلفات زراعة الأرز وضربه (أقـاليم وسط و شرق و غرب الدلتا).
- مخلفات زراعة القطن (إقليم مصر الوسطى).
- مخلفات أشجار النخيل (بكل أماكن الانتاج).
- مخلفات التصنيع الزراعى (المناطق الصناعية بالمدن الجديدة).
- مخلفات الانتاج الحيواني (بكل أماكن الانتاج).
- مخلفات الانتاج والسمكي (السواحل وحول البحيرات).