تشمل الكوارث الطبيعية كل أنواع الطقس السيئ والقاسي والذي يُشكّل تهديداً على صحة البشر وأمانهم وممتلكاتهم والبنية التحتية الحيوية، فالكوارث الطبيعية موسمية فجائية تحدث بلا سابق إنذار، وتُسبّب خسائر فادحة ممّا يُخضِع بعض الدول لفترات متكررة من إنعدام الأمان، والاضطرابات، والخسائر الاقتصادية.
وتُعتبر كل من الفيضانات، والعواصف الشتوية، وحرائق البراري، والأعاصير، والزلازل، والبراكين، وغيرها من الأمثلة على الكوارث الطبيعية.
الكوارث الطبيعية العالمية لعامى 2020-2021
يؤدي تغير المناخ في العديد من المناطق حول العالم، إلى تفاقم وشدة الظواهر الجوية الكارثية، حيث أدى هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات الشديدة الناجمة فى بعض البلدان إلى العديد من الكوارث الطبيعية التى حدثت فى العام الجاري 2021.
وتسببت الأمطار الموسمية الغزيرة في انهيارات أرضية وفيضانات غمرت مناطق عديدة بالهند مما أدى إلى عزل مئات القرى ومقتل ما يقرب من 136 شخصًا بعد هطول أمطار غزيرة على الساحل الغربي للهند.
كما حدثت فيضانات كارثية تقتل العشرات وتدمر آلاف المنازل وتغمر محطات المترو في الصين، واندلعت حرائق الغابات في 13 ولاية في أنحاء الولايات المتحدة، مما أدى إلى احتراق أكثر من مليون فدان في الولايات الغربية.
أيضاً تعرضت بلجيكا إلى موجة من الفيضانات الكارثية، وتعرضت ألمانيا لموجة من الفيضانات الهائلة تسبب بها هطول أمطار غزيرة أسفرت عن أكثر من 130 قتيلا.
ودمرت فيضانات مفاجئة؛ أجزاء من أوروبا الغربية مخلفة العشرات من القتلى وغيرهم في عداد المفقودين. بجانب حرائق الغابات الهائلة المنتشرة غرب الولايات المتحدة والتي التهمت خمسة أضعاف مساحة مدينة نيويورك.
شهدت ولاية تكساس الأمريكية أضرارًا مدمرة بعد تساقط كثيف لحبات برد ضخمة حطمت نوافذ المنازل والسيارات واخترقت أسقفها.
كما بلغت الخسائر الاقتصادية العالمية من أحداث الكوارث الطبيعية في عام 2020 ما قيمته 190 مليار دولار أمريكي من حيث الناتج المحلي الإجمالي ، ارتفعت متوسط الخسائر 1.6٪ بين 1970-2020 لمدة 10 سنوات وفقاً لمؤشر حجم الخسائر الأكبر .
ومن منظور صناعة التأمين، بلغت الخسائر المؤمن عليها من جميع أحداث الكوارث التي وقعت للعام 2020 في جميع أنحاء العالم 89 مليار دولار أمريكي ، وهي خامس أعلى خسائر وفقاً لتقرير سيجما – سويس آى.
وبلغت الخسائر العالمية المؤمن عليها من الكوارث الطبيعية 81 مليار دولار أمريكي في عام 2020 ؛ أدت الكوارث التي من صنع الإنسان إلى خسائر مؤمنة بقيمة 8 مليار دولار أمريكي.
وشكلت الخسائر الناتجة عن المخاطر الثانوية “المخاطر الصغيرة والمتوسطة” أكثر من 70 ٪ من الخسائر المؤمن عليها من الكوارث الطبيعية، والتي تنتج في الغالب عن العواصف وحرائق الغابات في السنوات العشر الماضية ، وقد ساهمت بأكثر من نصف الخسائر العالمية المؤمن عليها من المخاطر الثانوية نظرًا للخسائر الكبيرة الناجمة عنها .
والجدير بالذكر أن نشاط موسم الأعاصير في شمال الأطلسي في العام الماضي كان فرصة لأن تضرب العواصف مناطق ذات كثافة، نشاط سكاني منخفض، أو اختراق تأمين منخفض، حيث يمكن أن تصل الخسائر المؤمن عليها السنوية إلى 250-300 مليار دولار أمريكي.
وتعد العوامل الأساسية التي تؤثر على نتائج أحداث الخطر الأولية والثانوية هي نفسها ، بما في ذلك التطورات الاجتماعية والاقتصادية المتغيرة وآثار تغير المناخ.
وفيما يتعلق بالخسائر الناجمة عن الأخطار الثانوية المرتبطة بالطقس، فإن الشكل التالى يوضح الخسائر المتراكمة المؤمن عليها فى الفترة من 2011 -2020 حسب نوع الخطر الثانوى ومجموع المخاطر الاولية بمليار دولار امريكى حيث كانت العواصف الحرارية الشديدة هى الخطر الرئيسى الذى تسبب فى الخسارة فى امريكا الشمالية والتى تجاوزت الخسائر المؤمن عليها المتراكمة.
ويرى البعض تزايد حدة هذه الكوارث الطبيعية فى الآونة الأخيرة إلى التغير المناخى والذي على ما يبدو سيقود العلماء فى أنحاء العالم إلى إعادة تقييم لحساب معدلات الخسائر للكوارث الطبيعية المستقبلية فى مناطق مختلفة من العالم، ويتوقع الخبراء أن تتعرض مناطق أخرى لحوادث مماثلة تخالف التوقعات من حيث الحدة ومعدلات التكرار.
أسباب التغير المناخي
التلوث ويشمل مختلف أشكاله سواء كان برأ أوجواً أو بحرا. بجانب النشاط البشري ويشمل كافة الممارسات التي تحدث اختلالاً في التوازن البيئي، كقطع للغابات أو حرق للأشجار. بالإضافة إلى الثورات البركانية.
وتعد تلك الأسباب أعلى خمس مخاطر عالمية من حيث الاحتمالات وفقا لتقرير المخاطر العالمية The Global Risks Report 2021.
تشكل الاخطار البيئية وأخطار الكوارث الطبيعية بوجه خاص مجالاً يثير قلقاً كبير وفقا لتقرير المخاطر العالمية، ويأتي التغيير المناخي والكوارث الطبيعة من أعلى هذه المخاطر.
تأثير خسائر التغيرات المناخية على شركات إعادة التأمين:
من المرجح أن الخسائر الناتجة عن التغيرات المناخية سوف تؤدى إلى تغيرات فى أسواق التأمين وإعادة التأمين العالمية فيما يتعلق بالسعة الاكتتابيه والتسعير، ولكن لن يؤثر ذلك على استقرار السوق نتيجة للقدرة المالية وسياسات تنويع وتوزيع المخاطر التى تتبعها شركات الإعادة الكبرى.
وأغلب الخسائر الناجمة من الكوارث الطبيعية حتى الآن جاءت نتيجة لتراكم تعرض رأس مال البشري والمادي للخطر، والذي نتج بدوره عن التنمية الاقتصادية والتحضر.
وبالنسبة لارتفاع درجات الحرارة في العالم ، فمن المتوقع زيادة وتيرة الأحداث المناخية ، مما سيسهم بشكل متزايد في ارتفاع الخسائر على مدى العقود القادمة.
وتظهر آثار تغير المناخ بشكل ملحوظ في مساهمتها المتزايدة في الخسائر الناتجة عن المخاطر الثانوية. حيث حصلت المخاطر الثانوية على حصة كبيرة من إجمالي الخسائر (المخاطر الثانوية يمكن أن تكون أحداثًا صغيرة أو متوسطة الحجم ، أو تكون آثاراً ثانوية للمخاطر الأولية :مثل تسونامي بعد الزلزال) .
لا تزال المخاطر المتعلقة بالطقس قابلة للتأمين. وتسمح الطبيعة قصيرة الأجل لمعظم أعمال إعادة التأمين على الممتلكات بإدخال تعديلات المستمرة على الرؤية المستقبلية للمخاطر التي يجب أن تعكس دائما التغيرات الملحوظة في المناخ.
ومن أجل الحفاظ على قابلية الخطر للتأمين ، تحتاج صناعة إعادة التأمين إلى تتبع تأثير تصاعد حرارة المناخ وتكييف النماذج مع مشهد مخاطر دائم التطور ، وإدماج أساليب جديدة باستمرار في تقييم المخاطر.
وقد أشرنا فى نشرة سابقة إلى استخدام أحدث التقنيات ونظم المعلومات الجغرافية فى قياس المخاطر المتعلقة بالمناخ .
كيف يمكن لشركات التأمين مواجهه مخاطر تغير المناخ
تواجه شركات التأمين تحديًا مزدوجًا يتمثل في معالجة مخاطر تغير المناخ المتزايدة نتيجة الأحداث المتعلقة بالطقس – من حرائق الغابات ، إلى موجات الحرارة القياسية في أوروبا ، إلى الفيضانات في اليابان نتيجة تغير المناخ وفقا لتقرير مركز ديلويت للخدمات المالية.
وتتوقع غالبية شركات التأمين في الولايات المتحدة أن تزداد جميع أنواع مخاطر تغير المناخ لشركات التأمين على المدى المتوسط إلى الطويل – بما في ذلك المخاطر المادية ومخاطر المسؤولية ومخاطر التحول.
كما أشارت العديد من الهيئات التنظيمية إلى أنه من المحتمل أن يكون لتغير المناخ تأثير كبير للغاية على توافر التغطية وأسس الاكتتاب.
لذا لم يعد بإمكان شركات التأمين تجنب أو تأجيل تغطية تأثير المناخ المتغير على قرارات الاكتتاب والتسعير والاستثمار .
وقد تؤدي المخاوف ، وارتفاع أقساط التأمين وانخفاض التغطية استجابةً للمخاطر المتعلقة بالمناخ إلى توافر التغطية والقدرة على تحمل تكاليفها، كما أنه مرجح أن يكون تحقيق التوازن بين اهتمامات الملاءة واحتياجات العملاء تحديًا كبيرًا.
وعندما يتعلق الأمر بتغطية المخاطر المرتبطة بالمناخ .لذا لدى شركات التأمين فرصة للتواصل بشكل أكثر فعالية حول مخاطر المناخ واستراتيجيات الإدارة وقياس الأداء .
الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون فى اطار تحقيق مبادئ الاستدامة.
رأى الاتحاد المصري للتأمين
يري الاتحاد المصري للتأمين أن صناعة التأمين المصرية جزء لا يتجزأ من صناعة التأمين العالمية وعلى الرغم أن جمهورية مصر العربية لازالت ضمن المناطق الأمنة من الكوارث الطبيعية إلا أن الاطلاع على خريطة الكوارث الطبيعية حول العالم يعتبر من الموضوعات الهامة التي يتم اخذها في الاعتبار ضمن منظومة التأمين وضمن ترتيبات منظومة إعادة التأمين على مستوي العالم.
على الجانب الأخر تقع على كافة الشركات المصرية العاملة فى مجال التأمين مسئولية وطنية تتمثل فى نشر الوعى بين أفراد الشعب المصرى للدور الذى يمكن أن تلعبه الحماية التأمينية فى التخفيف من الآثار الناتجة عن مثل هذه الأحداث.
ومن جانبه يقوم الاتحاد المصرى للتأمين حاليا باستكمال دراسة إنشاء مجمعة لتأمين الأخطار الطبيعية لتساهم فى زيادة الطاقة الاستيعابية الحالية لشركات التأمين العاملة بالسوق المصرى لمواجهة مثل هذه الكوارث.