يواجه القطاع الزراعي تحديات ومعوقات هامة جداً تؤثر على نمو الزراعة وتطويرها على نحو مستدام، وبعض هذه التحديات داخلية تتعلق بالقطاع الزراعي؛ وتشابكية مع القطاعات الأخرى والاقتصاد القومي ككل، والبعض الآخر يوصف على أنه محددات خارجية ذات طابع إقليمي أو عالمي.
وترصد شبكة “القرار” الإخباري؛ في هذا التقرير، أبرز تلك التحديات التي تواجه القطاع الزراعي، وتضيف عليها الحلول المطلوب العمل عليها أيضًا.
أولاً.. التحديات:
التباطؤ في نمو الإنتاجية:
تشير المعلومات المتاحة إلى أن النمو في إجمالي الإنتاجية الكلية للموارد في مصر قد انخفض من 2.56٪ في الفترة 1991-2000؛ إلى 0.45٪ فقط في 2001-2010، ثم ارتفع ليصل إلى 1.30٪ في الفترة2011-2016.
كما تشير هذه الأرقام إلى أن هناك تباطؤًا معنويا في نمو الإنتاجية الكلية للموارد في البلاد خلال العقدين الماضيين. أدى إلى انخفاض معدلات نمو الإنتاج الزراعي من 4.43٪ في الفترة 1991-2000؛ إلى 2.23٪ في الفترة 2011-2016.
تدني كفاءة النظم الزراعية:
وتتمثل في تزايد فجوة الإنتاجية، وهى الفرق بين الإنتاجية الممكن الوصول إليها؛ والإنتاجية المتحققة لدى المزارع.
كما تشمل انخفاض كفاءة استخدام المياه في الحقل، حيث تستهلك الزراعة نحو 85٪ من إجمالي المياه.
وتشمل أيضا ظهور الأمراض النباتية والحيوانية العابرة للحدود، بجانب ارتفاع الفاقد في الأغذية، إضافة إلى سلاسل القيمة غير المتطورة للسلع.
حجم فاقد الغذاء في الشرق الأوسط:
ويقدر الفاقد في الغذاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ ومنها مصر ، بحوالي 14-19% من الحبوب، و26% من الجذور والدرنات، و45% من الفواكه والخضروات، و16% من البذور الزيتية والبقول، و28% من الأسماك والمأكولات البحرية، و13% من اللحوم، و18% من منتجات الغذاء، بحسب منظمة الفاو.
وتُعد نسب الفقد هذه عالية جداً ، وتكلف الاقتصاد القومي مبالغ كبيرة جداً ، إضافة إلى الهدر الكبير غير المباشر في موارد المياه والأرض وعناصر الإنتاج الأخرى الداخلة في إنتاج كميات الغذاء الفاقدة.
ندرة المياه وآثار تغير المناخ:
وتتمثل في الانخفاض المستمر لنصيب الزراعة من المياه، نتيجة لثبات حصة مصر من نهر النيل لعقود طويلة.
محدودية الأراضي:
ويعتبر هذا التحدي من أصعب التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في مصر، حيث محدودية الأراضي وتدهورها والتفتت والتعدي على الأراضي الزراعية، بجانب ضعف أنظمة الابتكار والإرشاد الزراعى وتوصيل الخدمات.
انخفاض التمويل على البحث العلمي:
وانعكس انخفاض التمويل على البحث العلمي والتطوير على بطء الابتكارات والتقنيات الحديثة. ويتمثل ذلك بانخفاض نسبة الصادرات عالية التقنية، في الصادرات المصنعة والتي بلغت فقط 0.9%في 2018 ، مقارنة بالنسبة العالمية والبالغة 18% لنفس العام، حسب البنك الدولي.
قيود القدرة التنافسية:
وهنا نتحدث عن القيود المتعلقة بالقدرة التنافسية للمنتجات الزراعية في الأسواق المحلية والإقليمية والدولية، رغم أن مصر لديها موقع جغرافي متميز للتجارة قرب الأسواق الكبيرة لأوروبا ودول الشرق الأوسط وأفريقيا.
وكانت الزراعة المصرية منذ القدم ذات وجهة تصديرية، وخاصة في السلع الغذائية الأساسية، إلا أن الأهمية النسبية للزراعة المصرية في الصادرات الزراعية العالمية قد انخفضت وتناقصت في السنوات الأخيرة. وبنفس الوقت أصبحت مصر مستورد كبير للسلع الاستهلاكية الأساسية وخاصة القمح.
ضغوط الفقر الريفي:
يتركز الجزء الأكبر من السكان في مصر في المناطق الريفية، حيث يعيش في الريف 57% من مجموع السكان، كما بلغ معدل نمو سكان الريف حوالي 2.2% سنوياً، حسب البنك الدولي.
بلغت نسبة الفقراء 32% من السكان الكلي في مصر في عام 2021، ويتركز أكثر الفقراء في المناطق الريفية.
التفتت الحيازي:
تشير الإحصاءات إلى أن المساحات الزراعية المصرية هي من أكبر زراعات العالم تفتتاً خاصة في الأراضي القديمة في الدلتا والوادي، حيث تراجع المتوسط العام لمساحة الحيازة من حوالي 6.3 فدان عام 1950 إلى 3.2 فدان عام 1960 ثم حوالي 2.1 فدان وفق التعداد الزراعي الأخير للموسم 2009/2010. كما بلغت نسبة أعداد الحيازات القزمية (أقل من فدان) نحو 48.2% من جملة الحيازات بعدما كانت لا تتجاوز 21.4% عام 1950، 26.4% عام 1960.
وكنتيجة لهذا التفتت تضيع نسبة تقدر بنحو 12% من أخصب الموارد الأرضية كحدود وفواصل فيما بين الحيازات، كما تضعف القدرة على تحديث الأنشطة الزراعية والارتقاء بالإنتاجية الزراعية.
ثانيًا.. الحلول:
ضرورة تغيير شرائع الإرث للأراضي:
يتطلب مواجهة مشكلة التفتت الحيازي أولا، في ظل قوانين وشرائع الإرث تغييرا جذريا في مفاهيم الإدارة المزرعية، بحيث يتم تحقيق التوازن فيما بين الحجم الاقتصادى للوحدة المزرعية، ومتطلبات الالتزام بقوانين التوريث، وتحتاج مواجهة هذا الوضع إلى حوار مجتمعى وحلول مبتكرة وقد يكون تطوير نظم الإدارة المزرعية بالتحول إلى إدارة جماعية في ظل تنظيمات مؤسسية لصغار الزراع كأحد الحلول الممكنة لهذا التحدى الذي يواجه الزراعة المصرية وتتفاقم حدته سنة بعد أخرى.
الاستخدام الأمثل لموردى الأرض والمياه:
يعتبر عامل الاستخدام الأمثل لموردى الأرض والمياه؛ وإزالة أوجه القصور في نظم إنتاج الأغذية بمصر، أمر حاسم لتحقيق أهداف الأمن الغذائي في المستقبل. وتحقيق معدلات أعلى من الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وزيادة الدخل المزرعي، وخلق المزيد من فرص العمل، وتوليد المزيد من العملات الصعبة.
إنشاء المزارع المشتركة:
يعتبر إنشاء المزارع المشتركة بين مصر والدول الأفريقية تجربة هامة في نقل التكنولوجيا المصرية في المجال النباتي والحيواني والاستزراع السمكي إلى الدول الأفريقية وخلق أسواق جديدة للمنتجات والسلع الزراعية المصرية في السوق الأفريقية.
ويجري العمل على زيادة عدد المزارع المشتركة من 9 إلى 21 مزرعة مصرية في أفريقيا في مجالات زراعة جميع أصناف الهجن والمحاصيل الحقلية والأعلاف المصرية ، وكذلك في مجال التسمين والتغذية للإنتاج الحيواني وبمواصفات عالية.