المزارع يشتري البذور مجهولة المصدر بدون علمه بأنها غير أصلية ويقع ضحية عملية غش تجارى
نسبة 30 إلى 40% من إنتاجية مجهولة المصدر غير مطابقة للهجن الأصلية
يتم استغلال بعض الثغرات للتحايل على القانون والإضرار بالأسواق وإلصاق اسم منتج أصلى بمنتج آخر مختلف
وزارة الزراعة تواجه تداول البذور المغشوشة ومجهولة المصدر بعمل تسجيل وحصر للمشاتل فى مصر.. وحملات التفتيش والرقابة مستمرة
قانون التسجيل للبذور يعطى حق التسجيل لأى صنف مسجل بدون الربط بين المستورد والمورد الرئيسى للصنف
انضمام مصر لمنظمة اليوبوف يتيح حماية الأصناف الجديدة فقط
ضرورة إحكام العلاقة الثنائية بين المورد والمستورد وعدم دخول الأصناف المسجلة لمورد آخر أبرز حلول مشكلة البذور مجهولة المصدر
نسبة تداول بذور الخضر مجهولة المصدر في مصر نحو 25-30% من حجم التداول الكلي
قال المهندس الحسن إمام، رئيس قطاع البذور بشركة أجريماتكو، إن غش البذور أو ما نسميه البذور مجهولة المصدر أو المقلدة (الكوبي) مصطلح جديد ظهر منذ أكثر من خمس سنوات تقريبا بالسوق المصرى؛ ولم يكن موجود فيما مضى، ويمكن تعريفه بأنه مشابهات البذور الأصلية التى تباع تحت الأسماء التجارية المعروفة، وهى بذور رديئة الجودة لا ترقى في جودتها للبذور الأصلية، وقد تكون بذور لأصناف أخرى؛ أو بذور F2 للهجين الأصلى.
وأضاف إمام؛ في تصريح خاص لـ”القرار”، أن هذه البذور دائما ما تكون غير مطابقة للهجن الأصلية؛ وتحمل اختلافات في الصفات تصل إلى 40% مقارنة بالهحين الأصلي.
وأوضح إمام، أنه بسبب جشع البعض والرغبة فى الربح السريع انتشرت هذه الظاهرة بشكل ملحوظ، ويشترى المزارع البذور مجهولة المصدر أو المقلدة (الكوبى) بدون علمه بأنها ليست أصلية؛ ويقع ضحية لعملية غش تجارى لأنه يدفع قيمة المنتج الأصلى ويحصل على منتج غير ذو قيمة ومغشوش، بينما يستفيد فقط من قام ببيع هذه البذور مجهولة المصدر؛ ويحقق الربح العالي من هذه التجارة.
وتابع: “قامت وزارة الزراعة بالتصدى لهذه الظاهرة من خلال عمل تسجيل وحصر للمشاتل فى مصر بالإضافة إلى حملات التفتيش والرقابة المستمرة على المشاتل لضبط أى من هذه البذور”.
وأردف: “للأسف يعتبر المشتل كيان قائم لكنه غير مستقر بوجوده فى مكان واحد، فمن الممكن تغير أماكن المشاتل كل موسم أو مدة زمنية، بالإضافة إلى عدم كفاية إعداد المراقبين لتغطية النطاق الجغرافي المتسع للجمهورية.
وأكد إمام، أن التهريب هو المصطلح الأكثر تداولاً في قضية البذور مجهولة المصدر أو المقلدة (الكوبى)، ويتم التهريب من خلال المنافذ البحرية والبرية؛ ولكن الملاحظ أن عملية الغش للبذور وانتشار البذور الكوبى أصبحت عملية واضحة المعالم، ويتم استغلال بعض الثغرات للتحايل على القانون والإضرار بالأسواق وإلصاق اسم منتج أصلى بمنتج آخر مختلف.
وأوضح أن قانون التسجيل للبذور يعطى حق التداول لأى صنف مسجل بدون الربط بين المستورد والمورد الحصرى للمنتج أو الصنف، ويعطى قانون التسجيل حق التداول لأى صنف مسجل، ويقوم القائمين على الغش بتسجيل اسم صنف ضمن قائمة الأصناف المسجلة واستيراد العديد من الأصناف تحت نفس الاسم المسجل والذى أخذ حق التداول بالفعل فى محاولة لإدخاله بالسوق.
ونوّه بأن هناك من يقوم باستخدام أصناف مسجلة لشركات أخرى واستيراد أصناف البذور مجهولة المصدر أو المقلدة (الكوبى) تحت هذه الأسماء المسجلة لشركات أخرى.
ولفت إلى أن وزارة الزراعة غير منوطة باكتشاف الغش من عدمه طالما تم تسجيل الصنف وحصل على التسجيل للدخول والتداول، وتتحول القضية إلى قضية غش تجارى بوزارة التجارة متى تم اكتشاف حالة من هذه الحالات.
وعن الأضرار التى تسببها تداول البذور غير الأصلية والمغشوشة، يقول إمام إن المزارع يشترى الصنف على أساس أنه صنف أصلى وليس مقلد، وينتج عن ذلك دفع ثمن غير مناسب للمنتج الذى يشتريه، بما يعد غش تجارى للمزارع.
وأكد أن أصناف البذور مجهولة المصدر أو المقلدة (الكوبى) لا تحقق الإنتاجية المناسبة أو قد تحمل الأمراض، مما يجعلنا نؤكد أن البذور مجهولة المصدر أو المقلدة (الكوبى) تحقق الخسائر المؤكدة للمزارع بلا شك.
أما عن الحلول الرادعة لظاهرة البذور مجهولة المصدر أو المقلدة (الكوبى)، فيرصد منها إمام؛ ما يأتى والتوعية بهذه القضية للمزارع والعاملين بالعملية الزراعية، فأولاً لابد من إحكام الرقابة على المشاتل.
ولفت إلى أن ذلك يتم بأن يتعامل المشتل من خلال الأوراق والمستندات الرسمية، من حيث الفواتير وشهادة الفحص والرقابة المستمرة على المشاتل وما يتم تداوله من أصناف وبذور وشتلات بها، بالإضافة إلى ضرورة إحكام العلاقة الثنائية بين المورد والمستورد وعدم دخول الأصناف المسجلة من مورد آخر إلا بعلم طرفى العلاقة التجارية الأولى ( المنتج والوكيل الحصرى أو المستورد ).
وأضاف أنه يجب إعلان استمرار هذه العلاقة التجارية وإعلان انتهائها حتى يضمن الطرفين حقهما التجارى فى توزيع الصنف داخل السوق من خلال مستورد رئيسى، وعند تغيير الموزع لابد من إخطار وزارة الزراعة من قبل المورد بتوقف العلاقة التجارية وتحديد اسم الموزع الجديد.
وأكد على ضرورة تشديد القوانين التى تغلظ العقوبات على حالات الغش المختلفة، وإضافة تحليل DNA؛ وكذلك عمل اختبارات DUS عشوائية للشحنات التجارية للتأكد من مطابقة صفات الصنف المستورد مع الصنف المسجل ضمن قائمة تسجيل الأصناف وليس صنف آخر.
وشدّد إمام على أن عملية غش البذور مثلها مثل غش أي منتج آخر؛ هي علاقة ضمنية بين مجموعة من المستفيدين لإلصاق اسم وصفة وهمية بمنتج مقلد ومغشوش إلى اسم وصفة منتج آخر أصلى.
أما عن الحملات التوعوية الخاصة بهذه القضية، قال إن التوعية يتم توجيهها إلى المستهلك النهائى، والمزارع هنا هو المستهلك الأخير والمستهدف بالتوعية؛ والمزارع هنا يعتقد أنه يشترى المنتج الأصلى وليس المغشوش، لذا فلا يكتشف عملية الغش إلا بعد الحصاد؛ مما يصعب آلية اكتشاف المشكلة قبل حدوث الضرر.
وأضاف أن آليات السوق الحالية جعل المزارع الجانب الأضعف فى امتلاك أدواته التى تساعده على الشراء من مصادر موثوقة، ناصحًا المزارع بشراء بذوره بنفسه أو التعامل مع مصادر موثوقة لضمان حصوله على منتج أصلي.
وعن أهم الخطوات الإيجابية التى اتخذتها الدولة ووزارة الزراعة مؤخرا لدعم قطاع البذور يقول إمام إن الفترة الماضية شهدت العديد من التطورات من خلال وزارة الزراعة بالاجتماع مع القطاع الاستثماري، وتقليص فترة الاختبار للأصناف الجديدة وتسجيلها ضمن قائمة الأصناف المسجلة من سنة إلى سنتين، وأصبحت في حالة توفر DUS ومطابقته إلى موسم واحد فقط وموسمين في حالة عدم وجود الاختبار.
وتابع: “تعديل القرار الخاص بتحجيم العينات الخاصة بالتجارب للأصناف، والذي كان لا يتوائم مع احتياجات الشركات لعمل تجارب ممثلة لتقديم الأفضل للمزارع المصري، وتم تعديل القرار بمرونة شديدة ساهمت في تيسير أعمال الشركات الاستثمارية”.
وأردف: “مع انضمام مصر مؤخرا لمنظمة اليوبوف في نوفمبر 2019، والذى يتيح لنا هذا الانضمام ما يسمى بحماية الأصناف الجديدة والتى تتواجد بالسوق منذ عام أو اثنين على الأكثر؛ لكن الأصناف القديمة لا ينطبق عليها هذا”.
واعتبر إمام، أن المشكلة مازالت قائمة حتى مع حماية اليوبوف، فالأصناف مجهولة المصدر أو المقلدة (الكوبى) تأتى على أسماء أصناف مسجلة.
ونوّه إمام بأنه يمكن رصد النسبة التقريبية لأصناف بذور الخضر مجهولة المصدر أو المقلدة (الكوبى) المتداولة بالسوق المصري بنسبة 30 إلى 25% من حجم التداول الكلى، وأن هذه النسب وبدأت تتراجع مع قوانيين التسجيل والتسهيلات التى حدثت بتسجيل الأصناف وآلياته.