يعتبر القطاع الزراعي في مصر هو الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية وآثارها الضارة، حيث أن كافة مكونات قطاع الزراعة من تربة وماء ومناخ هي مرتبطة ارتباط وثيق بالتغيرات المناخية، كما أنها تؤدي إلى تغير في المواسم الزراعية كما تؤثر على معدل إنتاجية المحاصيل وانتشار الآفات والأمراض النباتية، الأمر الذي قد يسهم في زيادة تكاليف الإنتاج.
كما أن التغيرات المناخية تؤثر على ملوحة التربة وزيادة معدلات البخر، وبالتالي زيادة الكميات المستخدمة من المياه وتغير التراكيب المحصولية، لذلك ركزت مصر على الاهتمام بتحسين سلاسل القيمة وتقليل الفاقد والهدر من المحاصيل، وذلك بإنشاء صوامع ومخازن التبريد والاهتمام بالتصنيع الزراعي والتحول الرقمي.
كما أنها تؤدي إلى تملح الأراضي في الدلتا وغرق مساحات من الأراضي الزراعية شمال الدلتا مع تناقص الأمطار في الساحل الشمالي ونقص الزراعات المطرية وتناقص مياه الخزان الجوفي مما يهدد الزراعات الصحراوية. كما ستؤدى التغيرات المناخية، في المستقبل، إلى نقص إنتاجية بعض المحاصيل وتغير في النطاقات الزراعية، كذلك سوف تؤدي إلى انتشار الأمراض النباتية الفطرية، بالإضافة إلى التأثير السلبي على الأراضي الزراعية بالدلتا، خاصة في المناطق الشمالية المتاخمة لساحل البحر المتوسط.
ونقلاً عن رئيس المركز القومي السابق، الدكتور هاني الناظر، فإن التغيرات المناخية تؤدي إلى فقدان 20٪ من الأراضي الزراعية، مما يؤثر على إنتاجية المحصول الذي سيقل بنسبة 30٪، هذا بالإضافة إلى نقص في إنتاجية بعض المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والقطن والذرة الشامية نتيجة تضاعف ثاني أكسيد الكربون وانخفاض صافي عملية التمثيل الضوئي.
بينما ذكر الدكتور أحمد فؤاد الأستاذ المساعد بالشعبة الزراعية البيولوجية بالمركز القومي للبحوث، أنه في حالة عدم التصدي للتغيرات المناخية وإيجاد حلول سريعة، ستكون هناك آثار مدمرة للتغير المناخي تتركز في غرق الدلتا، وارتفاع مستوى سطح البحر ليغمر مساحة لا تقل عن 4.1 مليون فدان من أراضي الدلتا، وهو ما يمثل 25% من الأراضي الزراعية.
إضافة إلى ذلك أوضحت نتائج الدراسة التي أعدها أستاذ الزراعة بجامعة عين شمس، أيمن فريد أبو حديد، بعنوان “تغير المناخ والأزمات الزراعية المصرية”، أن أغلب السلع الزراعية الاستراتيجية سوف تتأثر إنتاجيتها سلباً بالتغيرات المناخية، خاصة القمح والأرز والذرة والخضر، خاصة أن تلك الزراعات سوف تحتاج لكميات أكبر من المياه في حال استمرت درجات الحرارة في الارتفاع على مدار السنوات القادمة.
وقد أشار المدير التنفيذي لمركز معلومات تغير المناخ والطاقة المتجددة، إلى أنه من خلال نتائج الدراسات والبحوث التي تم إجراؤها حول تأثير التغيرات المناخية على أداء القطاع الزراعي في مصر، فإنه يمكن القول إن بحلول عام 2050 سوف تؤدي إلى خفض إنتاجية معظم المحاصيل الرئيسية في مصر.
وحيث أن مصر من الدول المستوردة للغذاء، فإن هناك احتمال أن يتعرض الأمن الغذائي إلى أزمات اقتصادية بالدرجة الأولى نتيجة لتوقع ارتفاع فاتورة الاستيراد من الخارج، وإلى أزمة تكنولوجية إذا لم يتم توظيف الاستثمارات المناسبة في مجال التنمية الزراعية التكنولوجية الخاصة بالتصنيع الزراعي وبالتكيف مع التغيرات المناخية.