أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، الدكتورة يمن الحماقي لـ”القرار”:
تبادل العملات المحلية تجاريًا بين البلدان أسلوب “جيد” لتقليل الاعتماد على الدولار شرط التفعيل
يجب عودة نظام “الصفقات المتكافئة” أو “المقايضة” باستيراد سلعة مقابل سلعة
مصر وقعت اتفاقية مع الصين للتبادل التجاري بالجنيه مقابل اليوان لكن لم تفعل حتى الآن
خبير العلاقات الدولي الدكتور أيمن سمير لـ”القرار”:
لا توجد قيود على مصر حال اتبعت نظام التبادل التجاري بالعملات المحلية
حجم التعاملات العالمية بـ”الدولار” تصل إلى 45% من إجمالي التعاملات الدولية بالعملات
استخدام العملات المحلية تجاريًا:
تجدّدت محاولات الهيمنة على سيطرة الدولار في المعاملات التجارية الدولية، بعد اتفاق جرى اليومين الماضيين بين البرازيل والصين؛ على استخدام عملاتهما المحلية في التبادل التجاري بدلاً من التعامل بالدولار، وسبقتهما في ذلك عدة دول منها “الهند وماليزيا”، و”مصر والصين”، و”مصر وروسيا”، و”الصين والسعودية”، وغيرها من البلدان الأخرى التي لجأت إلى نظام مبادلة العملات المعروفة بـ”currency swap”، وتستهدف تقليل التعامل من الدولار في المعاملات التجارية.
وتجيب لكم منصة “القرار الإخباري“، عن بعض الأسئلة التي تشغل بال الجمهور، حول “هل اتفاقيات مبادلة العملات بين مصر والدول الأخرى مفعلة أم حبر على ورق؟”، و”هل هناك قيود أمريكية أو من صندوق النقد على مصر في استخدام عملتها المحلية بدلاً من الدولار في بعض عمليات الاستيراد والتصدير أم لا؟”، و”ما آليات الاتفاق بين الدول للتحول إلى استخدام العملات المحلية في المعاملات التجارية والاستيرادية؟”.
استخدام العملات المحلية تجاريًا:
وفي هذ الصدد؛ تشير أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، الدكتورة يمن الحماقي، إلى أن اتفاقيات تبادل العملات المحلية أسلوب “جيد” للتجارة بين دولتين تربطهما علاقات تجارية واستيراد وتصدير بكميات كبيرة، لكنها يجب أن “تُفعل”؛ ولا تقف عن حد “الاتفاق الورقي” البروتوكولي فقط، بمعنى أن يتم تحديد قواعد تبادل العملات بواسطة البنكين المركزيين للدولتين، وأن الصفقات المتكافئة كانت مستخدمة بين مصر وروسيا.
وأوضحت الحماقي، في تصريحات خاصة لـ”القرار الإخباري“، أن نظام الصفقات المتكافئة هو إتباع أسلوب “المقايضة” في المعاملات التجارية بين مصر والبلدان التي تتعاون معها تجاريًا بشكل كبير، أي التعامل التجاري بسلعة مقابل سلعة، وهو أيضًا وسيلة جيدة لتقليل الطلب على الدولار والعملات الصعبة.
وأضافت أن اتفاق تبادل العملات المحلية بين البلدين سيحتاج إلى وسيط؛ وهذا لتحديد السعر الجديد للمنتجات المستوردة بالعملات المحلية، وأنه غالبًا سيكون الوسيط هو الدولار، مضيفة أن العملات المشفرة سوف تدخل كمتغير مهم كوسيط بدلاً من الدولار، كما أن بعض البلدان بدأت تثق فيها وتتعامل معها.
وأشارت أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إلى أن مصر وقعت اتفاقية مع الصين لتبادل التجارة بين البلدين بالعملات المحلية في ديسمبر 2016، وتم تجديد الاتفاقية أكثر من مرة، لكن تحتاج إلى تفعيل حقيقي، حيث إنه لا توجد قرارات فعلية على أرض الواقع تشير إلى تطبيق الاتفاقية فعليًا، موصية بضرورة تحويل الاتفاقيات إلى أفعال حتى تحقق هدفها في تقليل الاعتماد على العملات الصعبة.
وتجدر الإشارة إلى أن الدولار الأمريكي يعتبر العملة المعتمدة في معظم الحركات التجارية العالمية منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما يعطي الاقتصاد الأمريكي ميزة، لأنه يطبع الأوراق النقدية المستخدمة في التجارة الدولية، بحسب المحللين، مما يشكل فائدة وميزة للولايات المتحدة على حساب العملات المحلية في دول العالم، التي تكون مضطرة لشراء الدولار لتسديد تجارتها الخارجية.
هل توجد قيود على مصر في التعامل المحلي تجاريًا؟
من ناحيته، أكد خبير العلاقات الدولية، الدكتور أيمن سمير، أنه لا توجد أية قيود على استخدام مصر عملتها المحليه “الجنيه” في تعاملاتها التجارية مع البلدان الأخرى، سواء من أمريكا (كونها صاحبة طبع الأوراق النقدية الدولارية المستخدمة في التجارة العالمية)، أو صندوق النقد، أو أي جهة أخرى.
وقال سمير، في تصريحات خاصة لـ”القرار الإخباري“، إن حجم التعاملات العالمية بـ”الدولار” تصل إلى نحو 45% من إجمالي التعاملات الدولية بالعملات، وهو أكبر من أي تعامل آخر، فمثلا حجم التعامل بـ”اليوان” الصيني تصل إلى 2% فقط عالميًا، لذا تلجأ بعض الدول إلى تقليل التعامل بالدولار.
ولفت خبير العلاقات الدولية، إلى أن نجاح اتفاقات استخدام العملات المحلية مرتبط بأمرين هامين أولهما قبول الدول الأخرى بهذا الشرط وتلك الآلية، والأمر الثاني لابد أن تكون هناك معاملات تجارية متبادلة بشكل واسع، كما يجب توافر استخدام العملات المحلية لدى الجانبين والبلدين بكثرة.
أهمية الاتفاق “الصيني البرازيلي” في التعامل التجاري بالعملات المحلية:
وحول اتفاق الصين والبرازيل، ذكر موقع “بي بي سي”، أن الاتفاق جاء خلال منتدى أعمال صيني برازيلي رفيع المستوى عقد الأربعاء في بكين، ويعدّ خطوة جديدة تضاف لسلسلة من الاتفاقيات السابقة نحو التعامل بالعملات المحلية بدلًا من العملة الأمريكية، فيما تستمر الصين بضم المزيد من الدول إلى دائرة البلدان المتعاملة باليوان والعملات المحلية في التجارة الخارجية.
اقرأ أيضًا| ارتفع 500 جنيه.. أسعار الذهب تربك الموازين.. هل الوقت مناسب للاستثمار في المعدن الأصفر؟
حجم اقتصاد الصين والبرازيل الدولي:
وتقول بي بي سي، إن طرفي الاتفاق يلعبان أدوارًا مهمة في شكل السوق العالمي، فالصين هي صاحبة ثاني أقوى اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، فيما تعتبر البرازيل أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، ويعد هذا الاتفاق هو الأول من نوعه الذي تعقده الصين مع إحدى دول أمريكا اللاتينية، لا سيما وأن بكين هي الشريك التجاري الأكبر للبرازيل، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بينهما نحو 150 مليار دولار العام الماضي.
اتفاقية “مبادلة العملات” بين مصر والصين:
ووقع البنك المركزي المصري في في ديسمبر 2016، اتفاقية مع بنك الشعب الصيني لـ”مبادلة العملات” بقيمة 18 مليار يوان. بما يوازي 2.62 مليار دولار حينها. على أن تكون مدتها 3 أعوام.
وفي 2017 كانت قيمة بند اتفاقية مبادلة العملات ما يوازي 2.646 مليار دولار. أما في 2018 فقد زاد بند مبادلة العملات إلى ما يوازي 2.715 مليار دولار. وبلغ قيمة بند مبادلة العملات مع الصين ما يوازي 2.616 مليار دولار في 2019. وفي 2020 بلغ قيمة بند اتفاقية مبادلة العملات ما يوازي 2.542 مليار دولار -وفقًا لبيانات البنك المركزي. وخلال 2021 بلغ بند اتفاقية مبادلة ما يوازي 2.746 مليار دولار. وفي 2022 بلغ بند مبادلة العملات 2.837 مليار دولار.
ومدّت مصر في مارس 2022، اتفاقية مبادلة العملات مع بنك الشعب الصيني لمدة 3 أعوام بقيمة 20 مليار يوان. بما يوازي 2.8 مليار دولار.
اتفاقية “مبادلة العملات” بين مصر وروسيا:
وفي يناير 2023، تباحث البنك المركزي المصري وضع اتفاقية أو آلية محددة بالتعاون مع نظيرة الروسي لتفعيل التبادل التجاري بين الدولتين بالعملتين المحليتين “الجنيه والروبل”، دون استخدام الدولار أو عملة وسيطة. وهذا بعد إعلان البنك المركزي الروسي اعتماد الجنيه المصري مع 8 عملات أخرى بينهم تم إدراجها في سلة العملات لديه، وهو ما قد يتيح مرونة لروسيا في الهروب من العقوبات الموقعة عليها وكذلك تسهيل السداد على مصر بدون ضغط توفير العملة.
اتفاقية “مبادلة العملات” بين السعودية والصين:
كما وقعت السعودية اتفاقا مع الصين، في 2016، تتم بموجبه التعاملات التجارية بين البلدين بـ”اليوان” الصيني و”الريال” السعودي، ووقتها اعتبر مراقبون وخبراء اقتصاديون سعوديون أن هذا الاتفاق يوجه “ضربة قاسمة” للدولار، وذلك لأن تأسيس نظام لأسعار الصرف المباشرة بين عملتي اليوان الصيني والريال السعودي سيتيح لبكين شراء النفط السعودي بعملتها مستقبلا ما سيلحق الضرر بالدولار.